”رويترز”: الجيش الأمريكي يعيد تأهيل قاعدة بحرية قديمة في الكاريبي استعدادًا لتحركات محتملة داخل فنزويلا
واشنطن تعيد الحياة لقاعدة "روزفلت رودز" القديمة
قالت وكالة "رويترز" في تحقيق مصوّر جديد أن الجيش الأمريكي بدأ في تحديث قاعدة بحرية قديمة ومهجورة تعود إلى حقبة الحرب الباردة في منطقة البحر الكاريبي، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على استعدادات محتملة لتحركات عسكرية أو عمليات مستدامة بالقرب من فنزويلا.
القاعدة المعنية هي "روزفلت رودز" الواقعة في جزيرة بورتو ريكو، والتي كانت في السابق واحدة من أبرز المنشآت التابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة قبل أن تُغلق رسميًا قبل أكثر من عشرين عامًا.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها الوكالة أن عمليات بناء وتجديد كانت جارية في القاعدة بتاريخ 17 سبتمبر الماضي، ما يشير إلى نشاط متزايد من جانب القوات الأمريكية في المنطقة.

استعدادات لعمليات طويلة الأمد في الكاريبي
بحسب "رويترز"، فإن أعمال البناء والتجديد الجارية في القاعدة تعكس تحركات عسكرية تهدف إلى تعزيز الوجود الأمريكي في البحر الكاريبي، وربما لتسهيل عمليات مستقبلية محتملة داخل الأراضي الفنزويلية أو بالقرب منها.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين وخبراء عسكريين أمريكيين أن هذا التطوير يشير إلى نية واشنطن إعادة استخدام الموقع كمنصة لعمليات جوية وبحرية ممتدة في المنطقة.
وقال العقيد المتقاعد مارك كانسيان من مشاة البحرية الأمريكية:
"مثل هذه التغييرات في البنية التحتية تعد خطوة طبيعية عندما تكون هناك خطط لزيادة عدد عمليات الهبوط والإقلاع للطائرات العسكرية، أو لتوسيع نطاق العمليات المستقبلية".
إشارات سياسية وعسكرية
تأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، واستمرار الخلافات حول ملفات الطاقة والاقتصاد والهجرة.
ويرى محللون أن إعادة تأهيل قاعدة بورتو ريكو يمكن أن تمنح واشنطن نقطة ارتكاز استراتيجية في البحر الكاريبي، تسمح بزيادة المراقبة الجوية والبحرية في المنطقة، خاصة مع اقتراب السواحل الفنزويلية.
موسكو تراقب وتُحذّر
في المقابل، أعلنت موسكو على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا تتابع باهتمام شديد التطورات في فنزويلا والمنطقة المحيطة بها.
وقال بيسكوف في تصريحات نقلتها وكالات روسية إن بلاده "ترى في التحركات الأمريكية محاولة لإعادة فرض نفوذ عسكري في منطقة تعتبرها موسكو حساسة من الناحية الجيوسياسية".
من جانبها، علّقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على الأنباء، معتبرة أن أي استخدام للقوة العسكرية من جانب واشنطن في منطقة البحر الكاريبي سيكون مخالفًا للدستور الأمريكي وميثاق الأمم المتحدة.
وأضافت أن مثل هذه الخطوات "ستزيد من زعزعة الاستقرار في أمريكا اللاتينية، ولن تؤدي إلا إلى تصعيد جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول ذات السيادة في المنطقة".
خلفيات تاريخية: إرث الحرب الباردة يعود للواجهة
قاعدة روزفلت رودز التي أُغلقت عام 2004، كانت خلال الحرب الباردة مركزًا لوجستيًا مهمًا للبحرية الأمريكية، إذ استخدمت لمراقبة التحركات السوفييتية في الكاريبي ومحيط أمريكا اللاتينية.
ويشير مراقبون إلى أن إعادة تشغيلها اليوم قد تعيد إلى الأذهان حقبة التنافس العسكري بين واشنطن وموسكو، خصوصًا في ظل عودة التوترات الجيوسياسية بين القوتين العظميين في عدة مناطق بالعالم، من أوكرانيا إلى أمريكا الجنوبية.
إعادة تنظيم القواعد العسكرية القديمة
بينما تؤكد واشنطن أن تحركاتها تندرج في إطار إعادة تنظيم القواعد العسكرية القديمة، يرى محللون أن التوقيت والموقع يحملان رسائل استراتيجية واضحة إلى فنزويلا وروسيا على حد سواء.
ويبقى السؤال المطروح:
هل تسعى الولايات المتحدة فعلاً إلى إعادة تموضع عسكري في الكاريبي، أم أن الأمر مجرد إجراء لوجستي دفاعي في إطار تحديث منشآتها القديمة؟

















