سفينة حربية أمريكية ترسو قرب سواحل فنزويلا.. تصعيد جديد في الكاريبي تحت إدارة ترامب
رست سفينة حربية أمريكية مزودة بصواريخ موجهة في ميناء ترينيداد وتوباغو، على بُعد نحو عشرة كيلومترات فقط من السواحل الفنزويلية مما يتذر بتصاعد التوتر ويثير موجة من الجدل حول أهداف التحرك الأمريكي في منطقة الكاريبي التي تشهد توترات متصاعدة بين واشنطن وكاراكاس.
تحركات عسكرية مثيرة للانتباه
شوهدت السفينة الحربية الأمريكية "يو إس إس غرايفلي" (USS Gravely)، ترافقها وحدة من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، وهي تقترب من سواحل بورت أوف سبين عاصمة ترينيداد وتوباغو.
وأكدت سلطات الجزيرة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليون نسمة، أن زيارة السفينة تأتي في إطار تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المحلية، تستمر عدة أيام وتركز على مكافحة التهريب وتعزيز الأمن البحري.

وتقع أقصى نقطة في غرب ترينيداد وتوباغو على مسافة لا تتجاوز بضع عشرات الكيلومترات من الساحل الفنزويلي، ما يمنح هذه المناورات بُعدًا استراتيجيًا حساسًا، خصوصًا في ظل التوتر المستمر بين البلدين الجارين.
هل هي عملية “مكافحة المخدرات” أم ضغط سياسي؟
تأتي هذه الخطوة مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن نشر سبع سفن حربية في الكاريبي وسفينة أخرى في خليج المكسيك، ضمن ما وصفته بعملية لمكافحة تهريب المخدرات، في حين ترى فنزويلا أن الهدف الحقيقي هو فرض حصار سياسي وعسكري على نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وبحسب بيانات رسمية أمريكية، نفذت القوات الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة عشر ضربات بحرية في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي استهدفت قوارب يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات، وأسفرت عن مقتل 43 شخصًا على الأقل.
لكن حكومة مادورو اتهمت واشنطن باستخدام ذريعة “مكافحة المخدرات” لتبرير محاولات تغيير النظام والاستيلاء على احتياطات النفط الفنزويلية، معتبرة أن الوجود العسكري الأمريكي قرب مياهها الإقليمية يمثل “استفزازًا سافرًا”.
ترينيداد وتوباغو بين الحياد والاصطفاف
ترينيداد وتوباغو، الدولة الصغيرة الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي للبحر الكاريبي، تجد نفسها في قلب الصراع الجيوسياسي بين واشنطن وكاراكاس.
وتتولى رئاسة الحكومة الحالية كامالا برساد بيسيسار، التي تُعرف بمواقفها المؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومنذ توليها المنصب في مايو الماضي، تبنت بيسيسار خطابًا متشددًا تجاه المهاجرين الفنزويليين، متهمة إياهم بالتسبب في “ارتفاع معدلات الجريمة” داخل البلاد، ما جعلها أقرب إلى النهج الأمريكي الصارم في التعامل مع فنزويلا.
تداعيات التحرك الأمريكي في الكاريبي
ويؤكد المراقبون أن وصول السفينة الأمريكية إلى ترينيداد وتوباغو ليس مجرد مناورة عسكرية روتينية بل هي رسالة سياسية واضحة إلى فنزويلا مفادها أن الولايات المتحدة “قادرة على التحرك السريع” بالقرب من أراضيها.
ويشير خبراء إلى أن واشنطن تسعى من خلال هذا الانتشار البحري إلى زيادة الضغط على مادورو، وإلى منع أي تحالفات إقليمية قد تدعم حكومته في ظل التقارب الفنزويلي المتزايد مع كل من روسيا وإيران.
أزمة مفتوحة في الأفق
يأتي ذلك في القت الذي حذّرت فنزويلا من أن أي انتهاك لمياهها الإقليمية سيُعتبر عملاً عدائياً يستوجب الرد، داعية المجتمع الدولي إلى إدانة التصعيد الأمريكي في الكاريبي.
كما أكدت وزارة الخارجية الفنزويلية أن البلاد “ستدافع عن سيادتها بكل الوسائل المشروعة”، محذّرة من تحويل البحر الكاريبي إلى ساحة مواجهة جديدة بين واشنطن وحلفائها من جهة، وكاراكاس والدول الداعمة لها من جهة أخرى.
تصاعد الحرب الباردة الجديدة في نصف الكرة الغربي
التحرك الأمريكي قرب السواحل الفنزويلية يأتي في سياق تصاعد الحرب الباردة الجديدة في نصف الكرة الغربي، إذ تسعى إدارة ترامب إلى إعادة فرض نفوذها في المنطقة بعد سنوات من التراجع.
أما بالنسبة لترينيداد وتوباغو، فوجود السفينة الأمريكية على شواطئها قد يحمل فرصًا اقتصادية وعسكرية عبر التعاون الأمني، لكنه في الوقت نفسه يعرّضها لاحتمال التورط في نزاع إقليمي واسع.

















