واشنطن تبحث عن الصيغة.. وزير الخارجية الأمريكي: قد ننشر قوة دولية في غزة عبر الأمم المتحدة
أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن بلاده تجري مشاورات مكثفة مع أطراف دولية وإقليمية حول آلية نشر قوة دولية في غزة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة "ستجد الصيغة المناسبة" لتنفيذ هذه الخطوة، وربما تكون تحت مظلة الأمم المتحدة.
وجاءت تصريحات روبيو خلال مؤتمر صحفي عقده مساء الخميس في واشنطن، أكد فيه أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعمل على صياغة رؤية متكاملة للمرحلة المقبلة في غزة، تشمل الأمن، الإعمار، وترتيبات الحوكمة المؤقتة للقطاع.
واشنطن تتحرك لتثبيت وقف النار
وقال وزير الخارجية الأمريكي:
"نحن ننسق مع شركائنا في الشرق الأوسط لإيجاد صيغة فعّالة تضمن استقرار الأوضاع في غزة، وقد تكون هذه الصيغة من خلال الأمم المتحدة أو عبر تحالف دولي مكوّن من دول المنطقة".
وأوضح أن النقاشات الحالية تتناول الهيكل القيادي للقوة الدولية، ومهامها الأمنية والإنسانية، مع التأكيد على أن الهدف ليس احتلال غزة أو إدارتها مباشرة، بل ضمان انتقال منظم نحو استقرار دائم يهيئ الظروف لإعادة الإعمار وإعادة الخدمات الأساسية.

وأضاف روبيو أن بلاده تعمل مع مصر وقطر والأردن والإمارات والسعودية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، لتشكيل تحالف دعم سياسي ولوجستي يرافق وجود القوة الدولية لضمان نجاحها في تحقيق أهدافها دون إثارة حساسيات ميدانية.
الأمم المتحدة قد تكون المظلة
في إشارة إلى الخيار الأممي، قال روبيو إن واشنطن لا تستبعد رفع مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لتفويض تشكيل قوة متعددة الجنسيات، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة تملك الشرعية الدولية المطلوبة لتنظيم مثل هذا الوجود.
وتابع:
“ربما تكون الأمم المتحدة المظلة الأنسب، خاصة وأن لدينا سوابق ناجحة في مهام حفظ السلام، لكننا نبحث أيضًا عن مرونة تسمح بالتدخل السريع والإدارة الفعّالة للميدان”.
وأكد أن الهدف الأمريكي هو ضمان أمن المدنيين الفلسطينيين ومنع تجدد القتال، بالتوازي مع تسريع جهود الإغاثة وإعادة الإعمار التي تُشرف عليها منظمات دولية.
الدور المصري في قلب التنسيق
وأشار روبيو إلى أن مصر تلعب دورًا محوريًا في تنسيق المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية والجهات الدولية، مؤكدًا أن القاهرة "تتمتع بثقة جميع الأطراف، وهي شريك أساسي في أي ترتيبات مستقبلية تتعلق بغزة".
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الاجتماعات الأخيرة في القاهرة شهدت مناقشة أولية حول آلية نشر القوة الدولية المقترحة، وموقعها، ومهامها الأمنية على المعابر الحدودية وفي المناطق الحساسة من القطاع.
الخطوة تواجه تحديات سياسية
ورغم الحراك الأمريكي المكثف، تواجه فكرة نشر قوة دولية في غزة تحديات سياسية معقدة، أبرزها رفض بعض الفصائل الفلسطينية أي وجود أجنبي مسلح داخل القطاع، واشتراط إسرائيل ضمان نزع سلاح “حماس” كشرط مسبق لأي ترتيبات أمنية جديدة.
ويرى مراقبون أن واشنطن تسعى من خلال هذه المبادرة إلى كسر الجمود السياسي، وتقديم نفسها كوسيط قادر على قيادة مرحلة “ما بعد الحرب”، مع الحفاظ على توازن بين الأمن الإسرائيلي وحقوق الفلسطينيين.
المرحلة الانتقالية في غزة: بين الطموح والواقع
تأتي تصريحات روبيو بعد أيام من حديثه عن ضرورة إيجاد “نظام حكم انتقالي” في غزة تشارك فيه شخصيات فلسطينية مستقلة، بدعم من دول عربية، تمهيدًا لانتخابات فلسطينية عامة خلال عام 2026.
وأشار إلى أن النجاح في نشر قوة دولية سيكون “خطوة مفصلية” لضمان تطبيق هذا التصور على الأرض.
العالم يترقب شكل الوجود الدولي في غزة
بينما تواصل واشنطن حراكها الدبلوماسي، لا تزال الصيغة النهائية لوجود القوة الدولية في غزة غير واضحة، وسط تساؤلات حول تركيبتها وتمويلها وولايتها القانونية.
لكن المؤكد، بحسب مراقبين، أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى ضمان عدم انفجار جديد في القطاع، مع محاولة تحويل وقف إطلاق النار إلى اتفاق مستدام يفتح الطريق أمام تسوية سياسية شاملة.

















