ترامب يشعل عاصفة سياسية جديدة بمدح ”لافت ومبالغ” لمتحدثة البيت الأبيض خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة جديدة من الجدل السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة، بعد تعليقاته اللافتة على متحدثة البيت الأبيض كارولاين ليفيت خلال تجمع انتخابي حاشد في ماونت بوكونو بولاية بنسلفانيا، حيث تحوّل الخطاب من استعراض الأرقام الاقتصادية إلى وصلة إطراء شخصية غير معتادة في سياق رسمي، ما فتح باب الانتقادات مجددًا حول أسلوبه الخطابي وحدود ما يعتبر لائقًا في الحياة العامة الأمريكية.
في السطور التالية نستعرض تفاصيل الواقعة، وردود الفعل عليها، وكيف تم توظيفها سياسيًا وإعلاميًا في خضم صراع انتخابي محتدم.
ماذا قال ترامب في تجمع بنسلفانيا؟

خلال التجمع الانتخابي في ماونت بوكونو، كان ترامب يتحدث عن الأداء الاقتصادي والمؤشرات التي يعتبرها إنجازًا لإدارته الحالية، قبل أن يتوقف فجأة عن الحديث عن الأرقام، موجّهًا الأنظار إلى متحدثة البيت الأبيض كارولاين ليفيت، قائلا أمام الحضور:
"أحضرنا نجمتنا اليوم… كارولاين. هل هناك من يشك في روعتها؟"
ثم انتقل لوصف مظهرها وطلتها بشكل اعتبره كثيرون مبالغًا فيه وغير ملائم في سياق خطاب سياسي رسمي، خاصة أن ليفيت تشغل منصبًا رسميًا داخل البيت الأبيض وليست شخصية من عالم الفن أو الترفيه.
هذا التحول المفاجئ من لغة الأرقام والاقتصاد إلى الإطراء الشخصي على مسؤولة رسمية أعاد للأذهان أسلوب ترامب المعروف بالمزج بين الشخصي والسياسي، وبإطلاق تصريحات توصف غالبًا بأنها مثيرة للجدل أو خارجة عن المألوف في الأعراف السياسية التقليدية.
لماذا أثارت تصريحات ترامب كل هذا الجدل؟
تسييس الإطراء الشخصي في المشهد الأمريكي
لم تكن كلمات ترامب مجرد مجاملة عابرة في نظر خصومه، بل قرأها كثيرون في الإعلام والسياسة على أنها امتداد لنمط متكرر من التعامل مع النساء في الحياة العامة، حيث يغلب الطابع الشخصي والشكل الخارجي على التقدير المهني والرسمي.
انتقادات تتهمه بتجاوز حدود اللياقة
عدد من المعلقين السياسيين والإعلاميين رأوا أن:
-
الخطاب كان من المفترض أن يركّز على القضايا الاقتصادية والانتخابية الملحّة.
-
الانتقال من لغة الأرقام إلى مدح مظهر مسؤولة رسمية يختزل حضورها في “الصورة” لا في الدور.
-
هذا النمط – من وجهة نظرهم – يعكس رؤية تقليدية للمرأة في السياسة، ويحمل بعدًا “غير احترافي” في أعلى منصب سياسي بالبلاد.
في المقابل، اعتبر مؤيدو ترامب أن ما قاله يدخل في إطار “العفوية” وأنه يعكس تقديره لفريق عمله، وأن الانتقادات التي طالت كلماته “مبالغ فيها” ومتحيّزة سياسيًا ضده.
كارولاين ليفيت في قلب المشهد الإعلامي
متحدثة تتحول إلى “نجمة” تجمع انتخابي
كارولاين ليفيت، التي تشغل منصب متحدثة البيت الأبيض، وجدت نفسها فجأة في قلب التغطية الإعلامية، ليس بسبب تصريح صحفي أدلت به، وإنما بسبب الطريقة التي تحدث عنها الرئيس أمام الآلاف من أنصاره.
بين المهنية والصورة العامة
من الناحية العملية، تلعب ليفيت دورًا محوريًا في إدارة الرسائل الإعلامية للبيت الأبيض، والإجابة عن أسئلة الصحفيين، وتوضيح سياسات الإدارة للرأي العام.
لكن هذا الظهور الأخير وضعها في إطار مختلف:
-
صورة إعلامية يتم فيها التركيز على “المديح الشخصي” أكثر من التركيز على مضمون الدور الوظيفي.
-
جدل حول ما إذا كان هذا النوع من الإطراء يساعد في “تلميع الصورة” أو يضر بالخطاب الرسمي ويحوّله إلى استعراض شخصي.
الأبعاد السياسية للواقعة
رسالة إلى القاعدة الانتخابية أم انفلات محسوب؟
يرى بعض المحللين أن أسلوب ترامب في مخاطبة الجمهور، بما يتضمنه من مزاح وإشارات شخصية، هو جزء من “علامته السياسية” التي يحبها أنصاره ويعتبرونها دليلاً على “الصدق والعفوية”، مقارنة بالخطاب الرسمي التقليدي للسياسيين الآخرين.
في المقابل، تُستغل مثل هذه اللقطات من خصومه لطرح أسئلة أوسع:
-
عن صورة الولايات المتحدة أمام العالم عندما يخرج هذا النوع من التعليقات من أعلى هرم السلطة.
-
عن مدى احترام قواعد البروتوكول السياسي داخل المؤسسات الرسمية.
-
وعن تأثير هذه الممارسات على النساء العاملات في المجال العام.
الإعلام الأمريكي بين السخرية والانتقاد
وسائل إعلام أمريكية وبرامج حوارية ليلية (Late-night shows) تناولت المقطع بسخرية حينا، وبانتقاد حاد أحيانًا أخرى، معتبرة أن:
-
ترامب يميل إلى “شخصنة” كل شيء، حتى في القضايا الاقتصادية.
-
تحويل متحدثة رسمية إلى “نجمة عرض” في خطاب انتخابي يختزل الجهد المهني في إطار استعراضي.
ماذا تعني هذه الواقعة لصورة ترامب السياسية؟
هذه الواقعة، رغم بساطتها الظاهرية، تضاف إلى سلسلة من اللحظات التي يستخدمها خصوم ترامب لتأكيد سردية مفادها أنه:
-
لا يلتزم بقواعد الخطاب السياسي التقليدي.
-
يميل إلى خلط الرسمي بالاستعراضي.
-
لا يتردد في إطلاق تعليقات شخصية قد تُصنَّف بأنها غير ملائمة في سياقات رسمية.
لكن في الوقت ذاته، يرى أنصاره أن هذه السمة بالذات – خروجه عن النص المكتوب – هي ما يجعله “مختلفًا” عن السياسيين التقليديين، وأنها أحد أسباب شعبيته لدى قاعدة انتخابية لا تثق في “اللغة المنمقة” للساسة الآخرين.
بين الجدل والصناديق: هل تؤثر الواقعة على الناخب الأمريكي؟
في نهاية المطاف، تبقى الأسئلة الأهم:
-
هل ستشكّل هذه الواقعة عنصرًا مؤثرًا في قرار الناخب الأمريكي؟
-
أم أنها ستلتحق بعشرات اللقطات المثيرة للجدل التي سُجلت لترامب خلال مسيرته، دون أن تغيّر كثيرًا في موازين التصويت؟
-

الخبراء يشيرون إلى أن:
-
القاعدة المؤيدة لترامب غالبًا لن تتأثر بهذه الواقعة، وربما ترى فيها دليلًا جديدًا على “كسر القيود” السياسية التقليدية.
-
المعارضون سيضيفونها إلى ملف طويل من الانتقادات حول أسلوبه في التعامل مع النساء والحياة العامة.
-
الشريحة المترددة هي وحدها التي قد تنظر إلى هذه اللحظات كمؤشر إضافي يحسم انطباعها النهائي عن مدى “رئاسيته” وقدرته على تمثيل الدولة بصورة رسمية رصينة.
















