الأحزاب الكبرى خارج المنافسة.. الشارع المصري يوجّه ”صفعة انتخابية” غير مسبوقة في إعادة انتخابات مجلس النواب
حملت إعادة التصويت في 19 دائرة ضمن المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب رسائل سياسية صادمة، ليس فقط للأحزاب الموالية للسلطة، بل للخريطة السياسية المصرية كلها.
فقد كشف المشهد عن تراجع كاسح وغير مسبوق في شعبية الأحزاب الكبرى، أبرزها مستقبل وطن وحماة وطن والجبهة الوطنية، في مؤشر قرأه مراقبون باعتباره احتجاجًا شعبيًا صامتًا، ورسالة مباشرة بأن الشارع لم يعد يتجاوب مع أدوات الحشد التقليدية، ولا مع الخطاب السياسي القديم.
التراجع لم يكن طفيفًا أو مرتبطًا بدائرة بعينها، بل كان انهيارًا تصويتيًا شاملاً شمل محافظات مختلفة من الإسكندرية وحتى قنا وسوهاج والفيوم، ما يعكس تغيرًا حقيقيًا في المزاج العام، وربما بداية إعادة تشكيل الخريطة الانتخابية في مصر.
رسالة سياسية: الناخب يعاقب الأحزاب الكبرى
أظهرت البيانات الرقمية أن التصويت المعاد تحول إلى استفتاء شعبي على أداء الأحزاب الموالية، فجاءت النتيجة في شكل عقاب انتخابي جماعي:
-
مستقبل وطن خسر أكثر من 400 ألف صوت.
-
أحزاب الموالاة مجتمعة خسرت أكثر من نصف مليون صوت.
-
الأصوات المتراجعة وصلت في بعض الدوائر إلى 70% انخفاضًا.
هذه الأرقام لم تحدث بالصدفة، خصوصًا بعد قرار الهيئة الوطنية للانتخابات إلغاء المرحلة الأولى بالكامل في 19 دائرة، والذي اعتبره كثيرون بمثابة "فيتو رئاسي" على التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية.

مستقبل وطن.. انهيار حقيقي في القوة التصويتية
دخل الحزب الجولة المعادة بـ 16 مرشحًا، وانتهت الجولة بـ:
-
3 مرشحين فقط فازوا
-
10 يخوضون الإعادة
-
3 خسروا مباشرة
لكن الأخطر هو حجم السقوط التصويتي:
في إمبابة – الجيزة
-
وليد المليجي:
-
الجولة الملغاة: 28,106 صوت
-
الجولة الجديدة: 9,529 صوت
-
الخسارة: 18,577 صوتًا
-
نسبة التراجع: 66%
-
في سوهاج
-
حاتم مبارك: خسر أكثر من 3 آلاف صوت
-
عاطف كعربان: خسر 21 ألف صوت بنسبة 60%
في الإسكندرية والرمل
-
عبد المجيد: تراجع 70%
-
الغنيمي: تراجع 61%
في الفيوم
-
محمد عبد القوي: فقد 10 آلاف صوت
-
يوسف الشاذلي: تراجع بنحو 12 ألف صوت
في البحيرة – دمنهور
-
سناء برغش
-
الجولة الملغاة: 74 ألف
-
الجولة الجديدة: 31.3 ألف
-
التراجع: 56%
-
في قنا
-
عصام بركات: خسر 68.5% من أصواته
-
خالد خلف الله: خسر 64%
-
أشرف أبو الفضل: فقد 48%
الجبهة الوطنية.. خسارة 100 ألف صوت
الحزب خاض الانتخابات بـ 5 مرشحين، فكانت النتيجة كارثية:
-
3 مرشحين خسروا مباشرة
-
2 فقط وصلوا للإعادة
-
خسارة إجمالية: 100 ألف صوت
أمثلة بارزة:
-
معتز محمد محمود (قنا):
-
الجولة السابقة: 66 ألف صوت
-
الجولة المعادة: 12 ألفًا فقط
-
التراجع: 81%
-
حزب حماة وطن.. صفر مكاسب في الجولة المعادة
الحزب خاض بـ 11 مرشحًا وكانت النتيجة:
-
0 مقاعد في الجولة الأولى
-
7 خاسرون مباشرة
-
4 فقط إلى الإعادة
أمثلة التراجع:
-
حازم عبد العزيز – الإسكندرية
-
الجولة الملغاة: 48 ألفًا
-
الجولة الجديدة: 14.5 ألفًا
-
الخسارة: 33.5 ألف صوت
-
-
في قنا، سوهاج، البحيرة، أسيوط
النتائج تكررت بصورة مشابهة: سقوط مدوٍّ وفقدان الثقل الشعبي.
ماذا يعني هذا سياسياً؟
هذا التراجع الضخم في نسب التصويت يعكس عدة رسائل سياسية خطيرة:
1. الشارع يرفض الهيمنة الحزبية المصطنعة
التصويت بدا وكأنه احتجاج على نمط انتخابي بعينه، وعلى ممارسات ارتبطت بالأحزاب الكبرى.
2. مرحلة جديدة من عدم اليقين الانتخابي
لم يعد حسم المقاعد مضمونًا للأحزاب الموالية، وهذا يفتح الباب أمام:
-
صعود المستقلين
-
إعادة تشكيل التحالفات
-
بروز كتل محلية جديدة أكثر التصاقًا بالناس
3. سقوط خطاب الثقة القديمة
هذه الأرقام تعكس تغيّرًا واضحًا في نظرة الناخبين تجاه:
-
أداء النواب السابقين
-
فقدان الثقة في دور الأحزاب
-
شعور متزايد بأن البرلمان لم يعد يعكس أولويات الشارع
4. "الفيتو الرئاسي" غيّر قواعد اللعبة
قرار إلغاء المرحلة الأولى، وما صاحبه من حديث عن التجاوزات، جعل الناخبين أكثر جرأة في سحب الثقة تصويتيًا من المرشحين الذين كانوا يعتبرون محسوبي الفوز.
تحوّل سياسي صامت رسّخه الناخب في صندوق الانتخابات
ما حدث في إعادة انتخابات مجلس النواب لا يمكن اعتباره مجرد تراجع انتخابي، بل هو تحوّل سياسي صامت رسّخه الناخب المصري عبر الصندوق.
رسالة واضحة مفادها:
"الشارع تغيّر… والأحزاب الكبرى لم تعد في مأمن."
المرحلة القادمة ستشهد بلا شك إعادة رسم للخريطة السياسية تمامًا، وصعودًا أكبر للمستقلين، وتراجعًا أكثر للأحزاب التقليدية إن لم تعِ حجم السخط الشعبي وتعيد بناء نفسها من جديد.
















