اعتقال الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي في قضية فساد تهز المشهد السياسي في لاباز
تعيش بوليفيا، التي لم تخرج بعد من زلزال الانتقال السياسي الأخير، على وقع أزمة جديدة بعد إعلان توقيف الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي على خلفية تحقيقات تتعلق بقضية فساد ارتبطت بصندوق دعم السكان الأصليين. وتعيد هذه التطورات فتح ملفّات حساسة من عهد اليسار الاشتراكي الذي حكم البلاد لعقدين متتاليين، قبل أن يسقط في الانتخابات الأخيرة أمام الرئيس الوسطي اليميني رودريغو باز.
وفي وقت تواجه فيه بوليفيا وضعًا اقتصاديًا خانقًا وتوترات اجتماعية متصاعدة، يفتح توقيف آرسي الباب أمام مواجهة سياسية جديدة بين أنصار التيار اليساري الذي يقوده إيفو موراليس، والسلطة الجديدة التي تعهّدت باجتثاث الفساد وإعادة هيكلة المؤسسات.
ظروف التوقيف.. اتهامات بالاختلاس وتحويل الأموال
أفادت صحيفة "لا رازون" بأن الشرطة احتجزت الرئيس السابق لويس آرسي يوم الأربعاء، بعد صدور مذكرة توقيف بحقه في إطار التحقيق المتعلق بصندوق دعم السكان الأصليين، وهو برنامج حكومي أُنشئ لدعم المجتمعات المحلية ومشاريع التنمية الريفية.
وقالت ماريا نيلا برادا، الرئيسة السابقة لديوان الرئاسة، في تسجيل مصوّر على "فيسبوك":
"الرئيس السابق لويس آرسي اختُطف قبل وقت قصير... نحن نتجه الآن إلى مقر وحدة مكافحة الجريمة FELCC حيث نُقل إلى هناك".
وبحسب الوثائق التي كشفت عنها الصحيفة، يُشتبه بأن آرسي—خلال توليه وزارة الاقتصاد في عهد إيفو موراليس—وافق على تحويل مبالغ حكومية كبيرة إلى حسابات خاصة، ما يُعدّ اختلاسًا موصوفًا في القانون البوليفي.
خلفيات سياسية تزيد المشهد تعقيدًا
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه التيار اليساري في بوليفيا انقسامات داخلية حادة بين جناح موراليس وجناح آرسي، بعد أن تبادلا الاتهامات بالتقصير خلال الانتخابات التي خسر فيها اليسار لأول مرة منذ عشرين عامًا.
ويعتبر مراقبون أن توقيف آرسي يحمل طابعًا سياسيًا واضحًا، خاصة أنه جاء بعد أسابيع من تسلّم رودريغو باز السلطة، وهو رئيس أعلن منذ اليوم الأول حربًا "شاملة" على الفساد الذي قال إنه تفشّى في مؤسسات الدولة تحت حكم اليسار.
وتشير بعض التحليلات إلى أن السلطة الجديدة قد تسعى إلى محاكمة رموز الصف الأول من إدارة موراليس–آرسي لإعادة شرعيتها داخليًا وخارجيًا، خصوصًا مع تزايد الضغط الدولي لتحقيق إصلاحات اقتصادية عاجلة.
بوليفيا بين أزمة اقتصادية وانقسام سياسي حاد
تعيش بوليفيا منذ سنوات حالة اضطراب اقتصادي شديد، مع ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الاحتياطي النقدي، وانخفاض إنتاج الغاز الذي كان يمثل العمود الفقري لاقتصاد البلاد.
ويُتوقع أن يزيد توقيف آرسي من الاستقطاب السياسي، خصوصًا أن أنصاره وصفوا الخطوة بـ"الهجوم على الديمقراطية"، بينما رحّبت أطراف أخرى معارضة بهذه الإجراءات واعتبرتها بداية "محاسبة حقيقية".
انتقال السلطة.. نهاية حقبة وبداية مواجهة جديدة
انتخب البوليفيون في أكتوبر الماضي الرئيس رودريغو باز، كأول رئيس يميني وسطي يصل إلى الحكم منذ سقوط موراليس عام 2019. وقد وعد باز بإنهاء "إرث الفساد" الذي اتهم به إدارة آرسي، وإطلاق خطة اقتصادية عاجلة لإنقاذ البلاد من الركود.
ويأتي توقيف آرسي ليؤكد أن بلوغ هذا الهدف لن يمرّ دون صدامات سياسية قد تُعيد بوليفيا إلى أجواء التوترات التي شهدتها قبل أعوام.










