حق أدهم في رقبة مين؟! مأساة طالب STEM بني سويف
منظومة مهترئة من الإهمال وتفتح باب المساءلة السياسية والتعليمية
منذ ساعات الصباح الأولى، لم تتوقف هواتف أولياء الأمور في مصر عن استقبال رسائل مفجعة تحمل نبأ وفاة الطالب أدهم بمدرسة STEM بني سويف، في حادثة صادمة أعادت فتح ملف الإهمال داخل المدارس الداخلية المتفوقة، وأثارت موجة غضب عارمة بين أولياء الأمور، وصلت إلى حد المطالبة بمحاسبة مسؤولي المدرسة وقيادات وزارة التربية والتعليم.
القضية لم تعد حادثًا فرديًا، بل قضية رأي عام تُحمل في طياتها أسئلة سياسية وإدارية خطيرة حول الرقابة، الكفاءة، وغياب آليات حماية الطلاب في منظومة STEM التي يفترض أنها نموذج التميز التعليمي في مصر.
البداية.. طالب مريض وإدارة ترفض منحه إجازة
طبقًا لروايات أولياء الأمور، بدأ الأمر حين شعر أدهم بوعكة صحية شديدة.
ذهب والده إلى إدارة المدرسة طالبًا إجازة قصيرة لابنه—طلب طبيعي لأي أب يخشى على صحة ابنه—لكن الإدارة رفضت تمامًا، بحجة أن الطبيبة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإعطاء الإجازات.
تشخيص خاطئ.. إصرار غير مفهوم على حضور الطالب
عرض الأب ابنه على طبيبة المدرسة التي اكتفت بفحص ظاهري سطحي، وقررت أن ما يعاني منه الطالب مجرد "دور برد" لا يستدعي غيابًا.
وبسبب خوف الأب من تأثير الغياب على مستقبل ابنه الدراسي، اضطر للموافقة على استمرار حضوره.
لكن ما حدث بعد ذلك كان بداية الكارثة.
تدهور الحالة.. وعزل الطالب في "غرفة نجارين"
مع مرور الساعات، ساءت حالة أدهم بشكل كبير.
ورغم ذلك، لم تنقله المدرسة للمستشفى، بل قامت بـعزله داخل غرفة مهجورة كانت مخصصة سابقًا للنجارين—في مخالفة صارخة للمعايير الصحية والإنسانية.
شهادات زملائه جاءت صادمة:
"أدهم كان ضعيف ومش قادر يخدم نفسه.. والقطط كانت بتدخل تاكل من أكله."
هذا المشهد يعكس حالة فوضى صحية داخل المدرسة، وغيابًا كاملًا للرقابة.
النهاية المأساوية.. واستدعاء الأهل بعد فوات الأوان
عندما دخل أدهم في مرحلة حرجة، اتصلت المدرسة بأهله لاستلامه.
نقله الأب إلى المستشفى، لكن القدر كان قد نفذ، ولفظ الطفل أنفاسه الأخيرة بعد ساعات من الإهمال وعدم التدخل الطبي الصحيح.
مسؤولية من؟! أسئلة سياسية وتعليمية لا تحتمل التأجيل
هذه الواقعة ليست حادثًا عابرًا، بل جرس إنذار يُحتم على وزارة التربية والتعليم الإجابة عن أسئلة صريحة:
من يتحمل مسؤولية رفض الإجازة رغم وجود أعراض مرضية واضحة؟
هل هو خطأ الطبيبة؟ الإدارة؟ أم نظام كامل لا يضع صحة الطالب أولوية؟
لماذا يُعزل طالب مريض في غرفة مهجورة غير آدمية؟
وأين معايير الرعاية الصحية داخل مدارس STEM التي تُمول بمليارات؟
أين الرقابة على المدارس الداخلية؟
من يضمن سلامة الطلاب؟ ومن يراجع أداء الأطقم الطبية والإدارية؟
لماذا تتكرر الحوادث داخل مدارس STEM دون مساءلة؟
أولياء الأمور سبق وقدّموا شكاوى عن سوء التغذية، ضعف الإشراف، نقص الأطباء، وتكدس الطلاب… لكن دون استجابة.
قضية أدهم.. تتحول إلى رمز لمعاناة أوسع
وفاة أدهم ليست حادثًا فرديًا، بل انعكاس لـ:
-
غياب منظومة صحية للطلاب
-
عدم تدريب الإدارات على التعامل مع الحالات الطارئة
-
إهمال ممتد داخل مؤسسات STEM
-
مركزية القرار على حساب إنسانية الطالب
-
خوف الطلاب من الشكوى حتى لا يُعاقـَبوا دراسيًا
هذه المؤسسات أنشئت لتكون قلاع العلم في مصر، لكنها في واقع الأمر تعاني من فجوات خطيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً.
قضية دولة كاملة يجب أن تتحرك سريعًا لحماية أبنائها داخل المدارس
أدهم رحل، لكن الأسئلة باقية:
من يتحمل المسؤولية؟ من سيحاسَب؟ ومن سيمنع تكرار هذه المأساة؟
الأمر لم يعد قضية عائلية، بل قضية دولة كاملة يجب أن تتحرك سريعًا لحماية أبنائها داخل المدارس التي كان يفترض أن تكون بوابة المستقبل، لا بوابة الإهمال.
















