سياسة الحماية الأمريكية لجرائم إسرائيل تمتد إلى القضاء الدولي.. واشنطن تفرض عقوبات على قضاة «الجنائية الدولية» بسبب ملاحقة تل أبيب
أعلنت واشنطن فرض عقوبات رسمية على اثنين من قضاة المحكمة، على خلفية دورهم في الإجراءات القضائية المتعلقة بجرائم الحرب الإسرائيلية، في خطوة اعتبرها مراقبون تكريسًا لسياسة الحماية الأمريكية لإسرائيل، حتى لو كان الثمن تقويض منظومة العدالة الدولية.
القرار الأمريكي، الذي جاء بعد أيام من تطور قضائي بالغ الأهمية تمثل في رفض المحكمة الجنائية الدولية طعنًا إسرائيليًا ضد أوامر اعتقال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، أثار موجة انتقادات واسعة، وطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل القانون الدولي واستقلال القضاء الجنائي العالمي.
روبيو يعلن العقوبات رسميًا
واشنطن تهاجم الجنائية الدولية بسبب «استهداف إسرائيل»
صرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليوم الخميس، بأن الولايات المتحدة قررت فرض عقوبات على اثنين من قضاة المحكمة الجنائية الدولية، بزعم تورطهم في إجراءات «مسيسة» تستهدف إسرائيل.

وقال روبيو، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز:
«المحكمة الجنائية الدولية تواصل الانخراط في أعمال مسيسة تستهدف إسرائيل، في سابقة خطيرة تمس جميع الدول».
وأضاف أن واشنطن ترى أن ما تقوم به المحكمة يشكل تجاوزًا خطيرًا لاختصاصاتها، ويمثل تهديدًا مباشرًا لما تعتبره الولايات المتحدة «سيادة الدول».
رفض أمريكي مطلق لاختصاص المحكمة
حماية مواطني إسرائيل وأمريكا من الملاحقة
شدّد روبيو على أن بلاده:
«لن تتسامح مع انتهاكات المحكمة الجنائية الدولية التي تخضع مواطنين أمريكيين وإسرائيليين بشكل غير مشروع لولايتها».
وتابع:
«سنواصل الرد بعواقب وخيمة وملموسة على ممارسات المحكمة الجنائية الدولية غير القانونية وتجاوزاتها».
وتعكس هذه التصريحات موقفًا أمريكيًا ثابتًا يقوم على رفض الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل أو مواطنين أمريكيين، حتى في القضايا المتعلقة بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
المحكمة الجنائية الدولية ترد
«نرفض بشدة العقوبات الأمريكية»
من جانبها، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بيانًا رسميًا أدانت فيه القرار الأمريكي، مؤكدة رفضها القاطع للعقوبات المفروضة على قضاتها.
وجاء في البيان:
«نرفض بشدة العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على عضوين في المحكمة الجنائية الدولية».
وأكدت المحكمة أن هذه الخطوة تمثل تدخلًا سياسيًا سافرًا في عمل مؤسسة قضائية مستقلة، وتهديدًا مباشرًا لسيادة القانون الدولي، ولمبدأ عدم إفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب.
خلفية التصعيد.. نتنياهو وغالانت في قلب الأزمة
المحكمة ترفض الطعن الإسرائيلي
يأتي هذا التصعيد بعد تطور قضائي وصف بـ«اللافت»، حيث كشفت القناة 12 العبرية، مطلع الأسبوع، أن المحكمة الجنائية الدولية رفضت الطعن الرئيسي الذي قدمته إسرائيل ضد أوامر اعتقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
قرار قضائي حاسم
لا «وضع جديد» يوقف الملاحقات
وبحسب الحكم الصادر يوم الاثنين، أيد قضاة المحكمة قرارًا سابقًا للدائرة التمهيدية، خلص إلى:
-
عدم وجود «وضع جديد»
-
عدم وجود مبرر لإعادة فتح الإجراءات
-
عدم الحاجة لإصدار إشعار جديد لإسرائيل
وهو ما يعني عمليًا استمرار سريان أوامر الاعتقال الدولية بحق نتنياهو وغالانت، على خلفية جرائم حرب محتملة ارتُكبت خلال العدوان على قطاع غزة.
قراءة سياسية وقانونية للقرار الأمريكي
هل تحمي واشنطن إسرائيل أم تقوض العدالة الدولية؟
يرى خبراء في القانون الدولي أن العقوبات الأمريكية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية تمثل:
-
سابقة خطيرة في استهداف القضاة شخصيًا
-
انتهاكًا لاستقلال القضاء الدولي
-
رسالة ترهيب لأي مؤسسة تسعى لمحاسبة إسرائيل
ويؤكد هؤلاء أن واشنطن لا تكتفي بحماية إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، بل انتقلت الآن إلى حماية قانونية مباشرة، حتى لو أدى ذلك إلى ضرب مصداقية النظام القضائي الدولي برمته.
انعكاسات خطيرة على النظام الدولي
من يحاسب مرتكبي جرائم الحرب؟
تثير هذه الخطوة تساؤلات جوهرية حول مستقبل العدالة الدولية، أبرزها:
-
هل تستطيع المحكمة الجنائية الدولية الاستمرار في عملها تحت ضغط العقوبات؟
-
هل تصبح محاسبة القوى الكبرى وحلفائها أمرًا مستحيلًا؟
-
ما مصير القضايا المتعلقة بجرائم غزة في ظل هذا التصعيد؟
ويحذر مراقبون من أن إفلات إسرائيل من المحاسبة سيشجع على تكرار الجرائم، ويقوض أي أمل في تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين.
صدام مفتوح بين السياسة والعدالة
تكشف العقوبات الأمريكية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بوضوح أن السياسة باتت تتقدم على العدالة، وأن واشنطن مستعدة لاستخدام نفوذها لمعاقبة من يقترب من محاسبة إسرائيل.
وفي المقابل، تصر المحكمة الجنائية الدولية على المضي قدمًا في مسارها، رغم الضغوط، لتبقى المعركة مفتوحة بين القانون الدولي وسياسات الحماية الأمريكية، في واحدة من أخطر لحظات الصراع على مستقبل العدالة العالمية.
















