مواطن مش مرتاح… صرخة وجع في زمن الانتخابات
اشعر، كأي مواطن يراقب ما يجري حوله، بمزيج قاسٍ من الخزي والخذلان، وبحالة لا إرادية من طأطأة الرأس. ما رأيته ولمسته وسط الناس ترك أثرًا ثقيلًا في النفس. أتابع وجوه المحيطين بي ونفسياتهم، فأجد اليأس والإحباط عاملين مهيمنين على الشارع، وكأنهما العنوان الأبرز لهذه المرحلة.
لأول مرة، وبعد انتهاء عملية انتخابية، يشعر المواطن بالحزن لا بالفرح. انتخابات يُفترض أن تكون عرسًا ديمقراطيًا تحوّلت—في نظر كثيرين—إلى مشهد يسيطر عليه المال السياسي بصورة فجة. الرسالة التي وصلت إلى المواطن بسيطة وقاسية في آن: «البلد دي بتاعتنا… وهنعمل اللي إحنا عايزينه غصب عنك». ومع كل محطة، تتكرس سياسة إقصاء المواطن، رغم أنه—نظريًا—محور العمل النيابي والسياسي.
تقليص السياسة على الأغنياء وأصحاب النفوذ المالي
المؤلم أن هناك اتجاهًا يتبناه البعض لتقليص السياسة على الأغنياء وأصحاب النفوذ المالي. وهنا يبرز سؤال مشروع:
هل سألت الحكومة من أنفقوا مئات الملايين طلبًا للترشح والكرسي والحصانة البرلمانية: من أين لك هذا؟
أم أن هذا السؤال يُوجَّه فقط إلى البسطاء والفقراء إذا ورثوا مالًا معلوم المصدر بعد فقدان عزيز؟
بذخ في الإنفاق، وشراء للأصوات، وتحالفات غير مبررة
ما شهدناه في هذه الدورة من بذخ في الإنفاق، وشراء للأصوات، وتحالفات غير مبررة، ولعب على كل الحبال—كل ذلك لم يكن خافيًا. أي خلل عرفناه أو عرفه رجال القانون جرى بمباركة أو غضّ طرف، وإلا فكيف يمرّ بهذا الشكل؟
وبمنطق العقل: هل لم ترَ الحكومة ولا الهيئة الوطنية للانتخابات هذا الخلل؟
تناقظات في العملية الانتخابية
ثم تأتي الدوائر المُلغاة في المرحلة الأولى لتضيف حيرة أخرى:
كيف يُلغى نصف أصوات الناس ويُترك النصف الآخر؟
وإذا كان صوت المواطن باطلًا في الفردي، فكيف يصبح صحيحًا في القائمة؟
أم أن القائمة خط أحمر ولا بد أن تنجح؟
كل هذا جرى—كما يراه المواطن—تحت سمع وبصر الجهات المعنية، وكأنه مرّ مرور الكرام. والسؤال الذي يبقى معلقًا في الهواء، ويطرحه الشارع بمرارة:
أحقًا لم ينتبه أحد؟ أم أن الصمت كان خيارًا؟
















