عشرات المستوطنين الإسرائيليين يتسللون إلى داخل غزة ويرفعون علم إسرائيل.. «خطوة أولى» لإحياء مشروع الاستيطان
تسلل نحو 20 مستوطنا إسرائيليا، اليوم الخميس، إلى داخل قطاع غزة باستخدام مركباتهم الخاصة، وتوغلوا مئات الأمتار بعيدًا عن الحدود، في خطوة وصفوها بأنها بداية عملية لإعادة الاستيطان اليهودي في القطاع، ما أثار تساؤلات واسعة حول التداعيات الأمنية والسياسية لهذا التحرك.
توغل استيطاني داخل غزة ورفع العلم الإسرائيلي
«أطلال كفار داروم» اسم جديد لموقع التسلل
بحسب ما نقلته صحيفة «معاريف» العبرية، فإن المستوطنين أطلقوا على المنطقة التي وصلوا إليها اسم «أطلال كفار داروم»، في إشارة مباشرة إلى إحدى المستوطنات التي تم تفكيكها ضمن خطة الانفصال عام 2005، وقاموا برفع علم إسرائيل في المكان، في مشهد رمزي يحمل دلالات سياسية واستيطانية خطيرة.
وذكرت الصحيفة أن المتسللين ينتمون إلى حركة «نحالا» الاستيطانية المتطرفة، المعروفة بدعواتها العلنية لإعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة.
«نحالا»: غزة ملك لإسرائيل فقط
بيان استيطاني يتحدى الواقع السياسي
في بيان رسمي صادر عن حركة «نحالا»، قال المستوطنون:
«في هذه اللحظة بالذات، رُفع علم إسرائيل في غزة من قبل عائلات ونشطاء نواة الاستيطان التابعة لحركة نحالا. بعد مرور عامين على مجزرة الثامن من أكتوبر والحرب التي اندلعت في أعقابها، هذه رسالة حادة وواضحة: غزة ملك لشعب إسرائيل فقط، ولن تُسلم للأمريكيين ولا لأي جهة أجنبية أخرى».
البيان حمل نبرة تحدٍ واضحة، ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضًا للمواقف الدولية، بما فيها الموقف الأمريكي الرافض لأي خطوات ضم أو تغيير ديموغرافي قسري في الأراضي الفلسطينية.
رد الجيش الإسرائيلي: دخول محظور لمنطقة قتال
مراقبة أمنية وإعادة المتسللين بالقوة
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أن مجموعة من المواطنين الإسرائيليين اجتازت الحدود إلى داخل قطاع غزة، مؤكدًا أنهم كانوا تحت مراقبة مستمرة من وحدات الاستطلاع.
وأوضح المتحدث باسم الجيش أن القوات الموجودة في المنطقة تحركت فورًا إلى موقع التسلل، وقامت بإعادة المستوطنين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.
وأضاف البيان أن عشرات آخرين حاولوا لاحقًا اختراق السياج الأمني في نقطة مختلفة، وتمكن بعضهم من عبور منطقة العائق الفاصل، قبل أن تتدخل قوات الجيش والشرطة وتمنعهم من الدخول.
وشدد الجيش على أن الدخول إلى مناطق القتال محظور تمامًا، لما يشكله من خطر على حياة المدنيين ويعرقل العمليات العسكرية الجارية.

تحركات منظمة لإعادة الاستيطان
ضغوط سياسية داخل إسرائيل
تشير التطورات الأخيرة إلى أن هذا التسلل لم يكن عملًا فرديًا معزولًا، بل يأتي ضمن تحركات منظمة تقودها تيارات يمينية داخل إسرائيل.
فمنذ نحو أسبوع، مارس رؤساء فروع في حزب «الليكود»، بالتعاون مع حركة «نحالا»، ضغوطًا على وزير الدفاع يسرائيل كاتس، مطالبين بالسماح برفع علم إسرائيل فوق أطلال مستوطنة «نيسانيت» شمال قطاع غزة خلال عيد «الحانوكا».
دعم من وزراء وأعضاء كنيست
تحفظ أمني رسمي
لاحقًا، انضم عدد من أعضاء الكنيست ووزراء الحكومة إلى هذه الضغوط، معبرين عن دعمهم للمبادرة، إلا أن وزارة الدفاع أبلغتهم بصعوبة تحمل المسؤولية عن مثل هذه الخطوات، نظرًا لأن قطاع غزة يُعد منطقة عسكرية مغلقة بحكم التعريف.
وأكدت مصادر داخل الوزارة أن أي تحركات مدنية داخل القطاع قد تؤدي إلى تصعيد أمني غير محسوب العواقب.
حوادث تسلل متكررة خلال الأسابيع الأخيرة
اختراق السياج والبقاء داخل غزة لساعات
يذكر أن الأسبوع الماضي شهد حادثة مشابهة، حيث تسلل تسعة يهود إلى داخل قطاع غزة، واخترقوا السياج الأمني وتوغلوا مئات الأمتار قبل ما يُعرف بـ«الخط الأصفر»، ومكثوا داخل القطاع قرابة ساعة كاملة، قبل أن يقوم الجيش بإخراجهم باستخدام القنابل المضيئة.
دلالات خطيرة وتحذيرات من التصعيد
عودة الاستيطان إلى الواجهة

يرى مراقبون أن هذه التحركات تمثل محاولة جس نبض لإعادة طرح ملف الاستيطان في غزة على الساحة السياسية الإسرائيلية، مستغلين أجواء الحرب والتوتر الإقليمي.
كما تحذر جهات فلسطينية ودولية من أن أي محاولة لإعادة الاستيطان في القطاع ستشكل تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لأي مساعٍ لوقف الحرب أو التوصل إلى تسوية سياسية.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا بقوة:
هل تمثل هذه التوغلات حوادث فردية أم مقدمة لسياسة إسرائيلية جديدة تجاه قطاع غزة؟




