بيان مصري حاسم يحدد خطوط واضحة في السودان وحدتة وسلامة اراضية وحماية موسسات الدولة السودانية
في توقيت بالغ الحساسية، أعادت القاهرة رسم ملامح موقفها من الأزمة السودانية، عبر بيان رئاسي وُصف بأنه من الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، تزامنًا مع زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، إلى العاصمة المصرية.
البيان المصري لم يكن مجرد موقف دبلوماسي تقليدي، بل حمل رسائل سياسية وأمنية مباشرة، وحدد بوضوح ثلاثة خطوط حمراء، مع تلويح صريح باستخدام كل الأدوات التي يكفلها القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان.
ثلاثة خطوط حمراء لا تقبل التأويل
حددت الرئاسة المصرية في بيانها محاور أساسية اعتبرتها مرتبطة بشكل مباشر بالأمن القومي المصري:
-
وحدة السودان وسلامة أراضيه
شددت القاهرة على رفضها القاطع لأي محاولات لتقسيم السودان أو فصل أي جزء من أراضيه، معتبرة أن المساس بوحدة السودان يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. -
رفض الكيانات الموازية
أكدت مصر أنها لن تعترف بأي كيانات سياسية أو عسكرية موازية للدولة السودانية، في إشارة واضحة إلى محاولات فرض أمر واقع خارج إطار المؤسسات الرسمية. -
حماية مؤسسات الدولة السودانية
اعتبرت القاهرة أن الحفاظ على مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش السوداني، خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، مع تأكيد حق مصر في اتخاذ ما يلزم من إجراءات حال المساس بهذا المبدأ.
هل يعني ذلك تدخلاً عسكريًا مصريًا؟
رغم اللهجة الحازمة، فإن البيان لم يعلن صراحة نية التدخل العسكري المباشر، لكنه فتح الباب أمامه نظريًا، حين أشار إلى:
“حق مصر الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك”.
وهو ما يضع التدخل العسكري ضمن خيارات الردع الأخيرة، وليس كخيار أول، خاصة أن القاهرة لا تزال تفضّل الحل السياسي والإنساني عبر مسار الرباعية الدولية.
الدعم السريع.. هل يقترب من نقطة النهاية؟
يقرأ مراقبون البيان المصري باعتباره رسالة ردع مباشرة لقوات الدعم السريع، مفادها أن:
-
التوسع الميداني غير المنضبط
-
الانتهاكات الواسعة بحق المدنيين
-
محاولات فرض كيانات موازية أو السيطرة على مؤسسات الدولة
كلها تطورات لن تمر دون حساب، خاصة إذا اقتربت من مناطق تعتبرها القاهرة امتدادًا لأمنها القومي، مثل دارفور والحدود الغربية والجنوبية.
لكن في المقابل، لا يبدو أن القاهرة تراهن على حسم عسكري مصري مباشر لإنهاء الدعم السريع، بقدر ما تستخدم الضغط السياسي والأمني كوسيلة لفرض العودة إلى مسار التهدئة.
لماذا الآن؟ دلالات التوقيت
يأتي التصعيد المصري في وقت تشهد فيه الساحة السودانية:
-
مذابح وانتهاكات واسعة، خاصة في الفاشر
-
تصاعد مخاوف تفكك الدولة
-
فشل متكرر لمبادرات وقف إطلاق النار
-
توسع نفوذ قوى غير نظامية
وهو ما يفسر الانتقال المصري من لغة التحذير الهادئ إلى لغة الخطوط الحمراء.
الرهان على الرباعية الدولية
ورغم التصعيد، أكدت القاهرة تمسكها الكامل بالعمل ضمن الرباعية الدولية (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة)، بهدف:
-
التوصل إلى هدنة إنسانية
-
فتح ممرات آمنة
-
حماية المدنيين
-
التمهيد لوقف إطلاق نار شامل
كما جددت دعمها لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية لتجنب التصعيد وتحقيق الاستقرار.
مصر ترسم حدودًا فاصلة
البيان المصري لا يعلن حربًا، لكنه يرسم حدودًا فاصلة.
ولا يقرر التدخل العسكري، لكنه لا يستبعده إذا فُرض.
ولا ينحاز للتصعيد، لكنه يرفض الانهيار الكامل للدولة السودانية.
وبين هذا وذاك، تبدو القاهرة مستعدة لكل السيناريوهات، واضعة أمنها القومي على رأس الأولويات، في انتظار ما ستؤول إليه تطورات الأيام المقبلة على الأرض السودانية.
















