الأمطار تغرق خيام النازحين وتفاقم المأساة الإنسانية في غزة
تعيش غزة ساعات جديدة من الألم فوق الألم، حيث لم يعد القصف وحده هو العدو، بل انضم إليه منخفض جوي عنيف يحوّل ما تبقى من حياة النازحين إلى معاناة مضاعفة.
ففي قطاع محاصر مدمَّر البنية التحتية، بلا بيوت تحمي، ولا خدمات أساسية كافية، تتحول الأمطار والرياح إلى سلاح إضافي يحصد الأرواح ويغرق الخيام ويشرّد من شُرّدوا أصلاً.
خلال الساعات الماضية، تفاقمت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بشكل مخيف مع استمرار المنخفض الجوي الذي يضرب المنطقة، لتتحول المخيمات إلى برك من المياه الملوّثة، وتتحول الخيام المهترئة إلى عبء لا يقي بردًا ولا يمنع غرقًا.
أمطار لا تتوقف… آلاف الخيام تغرق والاحتياجات تتلف

خيام تتحول إلى مستنقعات ومعاناة تتجدد كل ساعة
أوضح مراسلون ومسؤولون ميدانيون أنّ هطول الأمطار لم يتوقف طوال النهار، ما تسبب في غرق آلاف الخيام التي تؤوي النازحين في مناطق مختلفة من قطاع غزة، وتلف ما فيها من احتياجات أساسية، من أغطية وملابس ومواد غذائية بسيطة.
لم تعد الخيمة ملاذًا، بل تحوّلت في كثير من المواقع إلى "مصيدة للمياه"، حيث تغمر السيول أرضية الخيام وتختلط مياه المطر بالطين والمجارير، في مشهد لا يصلح للعيش الآدمي، خصوصًا للأطفال وكبار السن والمرضى.
رياح عاتية تطاير الخيام وتترك العائلات في العراء
إلى جانب الأمطار، بلغت سرعة الرياح نحو 70 كيلومترًا في الساعة، ما أدى إلى تطاير أعداد كبيرة من الخيام، وتشرّد مزيد من العائلات التي وجدت نفسها فجأة في العراء بلا غطاء ولا جدار.
هذه الرياح العاصفة تزيد من قسوة البرد، وتضاعف الخطر على من لا يجدون حتى معطفًا يصد الهواء أو بطانية تقيهم قسوة الطقس.
ضحايا المنخفض الجوي.. طفلة تُستشهد تحت البرد وبيت ينهار فوق ساكنيه
استشهاد طفلة عمرها 4 أشهر في المواصي

في تصريحات لقناة "القاهرة الإخبارية" مع الإعلامية ريهام إبراهيم، كشف بشير جبر، أن هذا المنخفض لم يكن مجرد حالة طقس، بل سبب مباشر في سقوط ضحايا.
فقد توفيت طفلة لم تتجاوز أربعة أشهر في منطقة المواصي، في مشهد يلخص هشاشة الظروف الصحية والمعيشية، حيث لا تدفئة، ولا رعاية طبية كافية، ولا بيئة صحية يمكن أن تحمي رضيعًا من المرض أو البرد أو الالتهاب.
منزل ينهار في مخيم الشاطئ وشهداء تحت الركام
وأضاف جبر أنّ أحد المنازل في مخيم الشاطئ انهار نتيجة شدة الأمطار والرياح، ما أدى إلى استشهاد مواطن فلسطيني، في تكرار مؤلم لسيناريو "القتل غير المباشر" الذي تسببه الظروف الجوية فوق بنية تحتية مدمرة بفعل الحرب.
أحياء تنهار تحت المطر… النصر وتل الهوى والزيتون في قلب الأزمة
منازل متصدعة لم تتحمل المنخفض
لم تتوقف الأضرار عند مخيم الشاطئ، بل تعرّضت منازل أخرى في حي النصر ومنطقة تل الهوى وحي الزيتون في المنطقة الشرقية الجنوبية لمدينة غزة إلى الانهيار أو التصدع بسبب شدة الأمطار والرياح.
هذه الأحياء التي كانت في قلب الاستهداف العسكري سابقًا، لم تعد مبانيها قادرة على احتمال أي مؤثر طبيعي، فالأرض مشبعة بالقذائف، والجدران مثقوبة، والأسقف متهالكة.
مأساة فوق مأساة… النازحون بلا ملاذ آمن
الواقع الميداني يعكس منظومة انهيار كاملة: بيوت مدمرة، خيام غير صالحة لمواجهة الشتاء، وشوارع غارقة بالمياه، ونظام صرف صحي مشلول تقريبًا، ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة.
استغاثة الدفاع المدني… نداءات تحذير للمواطنين واستنجاد بالعالم
تحذيرات محلية للمواطنين… ووسائل سلامة شبه معدومة
أشار بشير جبر إلى أن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني أطلق تحذيرات للمواطنين بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وتنبيه السكان إلى خطورة البقاء قرب المباني المتهالكة أو تحت أعمدة مائلة أو في مناطق معرضة للانهيار.
لكن واقع الحال يقول إن غالبية السكان لا يملكون رفاهية الاختيار؛ فهم محاصرون بين خيمة لا تصمد أمام الريح، وبناء متصدع لا يتحمل المطر، وحدود مغلقة لا تسمح لهم بالمغادرة أو البحث عن مأوى أفضل.
نداء للمجتمع الدولي: أدخلوا الخيام والبطاطين والكرفانات قبل أن يقتلهم البرد
طالب جبر المجتمع الدولي بـالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإدخال كافة مستلزمات الشتاء بشكل عاجل، وفي مقدمتها:
-
خيام مقاومة للأمطار والرياح
-
أغطية وبطاطين وملابس شتوية
-
كرفانات ومنازل متنقلة تصلح للإقامة المؤقتة
وأكد أنّ المنخفض الجوي لم يبلغ ذروته بعد، ومن المتوقع أن يشتد خلال ساعات الليل، ما ينذر بتفاقم الوضع الإنساني إلى مستويات أكثر خطورة إذا لم يتم التدخل العاجل لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحماية للمدنيين.
غزة تحت قسوة الطقس والحصار معًا
تختصر مشاهد الخيام الغارقة والبيوت المنهارة وصرخات الأمهات على أطفال يرتجفون من البرد حقيقة ما يجري في غزة اليوم: شعب محاصر يواجه الموت بأشكال متعددة؛ قصفًا وجوعًا وبردًا ومنخفضًا جويًا يضرب منطقة لا تمتلك بنية تحتية ولا وسائل حماية.
تتكرر النداءات بضرورة التحرك الدولي الفوري، لكن الزمن في غزة لا ينتظر البيانات، لأن كل ساعة تمر تعني مزيدًا من الخسائر في الأرواح والمعاناة، وخاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن.
















