نرمين نبيل تكتب : إعادة الانتخابات تحت نفس الآليات… مهزلة تتجمل بثوب الديمقراطية !!
بعد أن طالب الرئيس بإعادة الانتخابات، كان الأمل معلقًا لدى الكثيرين بأن تأتي النتيجة مختلفة، وأن تتحقق العدالة الانتخابية أخيرًا. لكن الواقع كان صادمًا: لم يتغير شيء. السبب بسيط وواضح للجميع، لكنه غالبًا ما يتم تجاهله في النقاشات السياسية: الآليات التي أدت إلى تزوير النتائج في المرة الأولى لم تتغير، وبالتالي لا يمكن توقع نتيجة مختلفة مهما كررنا العملية.
الانتخابات ليست مجرد صناديق تصويت، بل هي منظومة كاملة تشمل مراقبة الصوت، شفافية في العد، وقوانين صارمة تمنع تدخل المال السياسي. وعندما تستمر نفس الممارسات القديمة – الرشاوى الانتخابية، صناديق الطعام، دفع الملايين للأحزاب بين قوسين “أبو كام بكام” – فإن النتيجة ستكون متوقعة: نسخة طبق الأصل عن الانتخابات السابقة، وربما بأسلوب أكثر تطورًا لتجنب الانتقاد الإعلامي.
الآليات الفاسدة ذاتها ما زالت حاضرة… فكيف ننتظر نتائج مختلفة؟
الرشاوى الانتخابية لم تعد مجرد حالات فردية، بل أصبحت جزءًا من اللعبة السياسية نفسها. المواطن العادي يجد نفسه أمام سلة انتخابية مليئة بالطعام زيت وسكر ومكرونة والمال مقابل صوته، في حين يبقى الصوت الحر والمستقل مجرد شعار على ورق. إعادة الانتخابات تحت نفس الظروف هي بمثابة إعادة تشغيل جهاز معطل، لا تنتج إلا نفس النتائج المعيبة.
اعتداء وبلطجة داخل احدي الجان
الإصلاح الحقيقي: المعركة التي يجب أن تبدأ
هذا الوضع يضع الرئيس والمواطنين على حد سواء أمام حقيقة صعبة: التغيير الحقيقي لا يأتي بالوعود أو بإعادة الاقتراع، بل بالإصلاح الجذري للآليات الانتخابية. لا يمكننا انتظار نزاهة النتائج طالما استمرت أدوات الفساد المالي والسياسي دون مراقبة فعالة. أي محاولة لإعادة الانتخابات بدون مواجهة هذه الظواهر هي مجرد محاولة لتزييف الحقيقة تحت شعار الديمقراطية.
القضية أكبر من مجرد صناديق تصويت، فهي تتعلق بمصداقية الدولة نفسها. عندما يظل المال السياسي هو المسيطر على نتائج الانتخابات، يصبح المواطن مجرد رقم في معادلة من صنع الأحزاب والفئات القوية، ويضيع حقه في الاختيار الحر. وهنا يظهر الفرق بين إعادة الانتخابات كحل شكلي، وبين إصلاح العملية الانتخابية بشكل حقيقي. الإصلاح يعني قوانين صارمة لمراقبة التمويل السياسي، عقوبات رادعة للرشاوى، وضمان شفافية تامة في كل مراحل العملية الانتخابية.
إعادة الانتخابات بلا إصلاح… إعادة تزوير مقنّع
في النهاية، إعادة الانتخابات لم تعد حلاً سحريًا. طالما بقيت الآليات نفسها، فإن النتائج ستظل متوقعة، والفرص المتاحة للتغيير الحقيقي معدومة. المواطن لن يحصل على صوته إلا عندما يتم قطع علاقة المال بالتصويت، ومحاسبة من يسيء استخدام السلطة والمال السياسي. أي حديث عن إعادة الانتخابات دون هذه الإصلاحات هو مجرد سراب سياسي، يخدع الأمل ويؤجل العدالة الحقيقية.
ان إعادة الانتخابات تحت نفس الظروف ليست إلا مهزلة ديمقراطية. التغيير الحقيقي لن يأتي إلا بإصلاح جذري للآليات، وإلغاء كل أدوات الفساد المالي والسياسي التي تحكم اللعبة الانتخابية. بدون هذا الإصلاح، كل إعادة تصويت هي مجرد إعادة تزوير مقنّع لا أكثر.
















