سباق فضائي عربي يربك إسرائيل.. موجة تقنية تقودها مصر والسعودية والإمارات تُعيد تشكيل ميزان القوة في المنطقة
تعيش المنطقة العربية تحوّلًا استراتيجيًا غير مسبوق في مجال الفضاء والعلوم المتقدمة، في سباق يكتسب طابعًا تقنيًا يضع إسرائيل أمام واقع جديد لم تكن مستعدة له. هذا ما كشفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي عبّرت بوضوح عن القلق داخل الدوائر الإسرائيلية من “اتساع الطموح الفضائي العربي” بقيادة مصر، السعودية، والإمارات، إلى جانب دول عربية أخرى دخلت بقوة على خط المنافسة.
وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل بدأت تدرك أن المنافسة لم تعد تقتصر على المجالات الاقتصادية أو الدفاعية التقليدية، بل انتقلت إلى مستوى أعلى وأكثر حساسية: السيادة الفضائية، والأطر القانونية الحاكمة لها، والقدرات التقنية المرتبطة بالأقمار الصناعية، والرصد، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي.
مصر.. مركز إقليمي لقيادة الفضاء وتأسيس بنية قانونية عربية مستقلة
تؤكد "يديعوت أحرونوت" أن مصر تمثل اليوم أحد أبرز مراكز الثقل الفضائي العربي، خصوصًا بعد إنشاء مدينة الفضاء المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تستضيف كذلك مقر وكالة الفضاء الأفريقية.
ويمثل هذا التحرك – وفق الصحيفة – خطوة ذات بعد قانوني وسيادي، إذ تهدف القاهرة إلى:
-
توطين تكنولوجيا الفضاء
-
وضع إطار عربي–أفريقي للتشريعات الفضائية
-
تعزيز الاستخدامات السلمية للفضاء
-
تقليل اعتماد الدول العربية على الأنظمة الإسرائيلية والغربية
وترى الصحيفة أن تزايد القدرات المصرية في التصوير الفضائي والاتصالات قد يؤثر مباشرة على “البيئة الإقليمية الحساسة” التي تعتمد فيها إسرائيل تقليديًا على تفوقها التكنولوجي.

الإمارات.. العمود الفقري للنهضة الفضائية العربية
بحسب التقرير، تتصدر الإمارات المشهد من خلال:
-
أكثر من 200 شركة في قطاع الفضاء
-
برنامج متكامل لتصنيع الأقمار الصناعية
-
تدريب وإرسال رواد فضاء
-
شراكات واسعة مع وكالات فضاء دولية
-
إطلاق القمر الصناعي MBZ-SAT الذي يتمتع بقدرات تصوير “تضاهي – وربما تنافس – بعض الأنظمة الإسرائيلية”
ووفق "يديعوت"، باتت الإمارات لاعبًا عالميًا لا عربيًا فقط، مما يهدد “احتكار إسرائيل التاريخي للتقنيات الفضائية الدقيقة”.
كما حذرت الصحيفة من أن الإمارات تعمل على بناء إطار تشريعي عربي موحد لاستخدامات الفضاء، ما قد يقلص من هامش التحرك الإسرائيلي، خاصة في ملفات التجسس الفضائي.
السعودية.. دخول صاروخي في سباق الفضاء وتثبيت قواعد قانونية جديدة

تشير الصحيفة إلى أن السعودية تتحرك بقوة ضمن رؤية 2030، حيث:
-
أسست وكالة فضاء وطنية
-
أرسلت رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية
-
تعمل على تطوير تقنيات إطلاق محلية
-
تجهّز لبناء بنية تحتية فضائية مستقلة
وترى "يديعوت" أن الرياض أصبحت شريكًا رئيسيًا في وضع قواعد اللعبة الفضائية عربيًا، خصوصًا مع دخولها مجالات حساسة مثل:
-
الاستشعار عن بُعد
-
الأقمار المستخدَمة في الأمن السيبراني
-
التطبيقات العسكرية–المدنية المزدوجة
الأمر الذي تعتبره إسرائيل مقلقًا للغاية لأنه يخلق هامش استقلال عربي بعيدًا عن الهيمنة التكنولوجية الإسرائيلية.
سلطنة عُمان والمغرب والأردن.. أطراف عربية توسّع المعادلة
عُمان
تشارك عبر شركة Oman Lens التي طوّرت أول قمر صناعي عربي يعمل بالذكاء الاصطناعي، وتعمل على منصة إطلاق فضائية "مفتوحة تجاريًا"، ما يمنح الدول العربية منفذًا مستقلًا بعيدًا عن الموانئ الفضائية الإسرائيلية أو الغربية.
المغرب
يمتلك منظومة فضائية متقدمة للغاية تشمل أقمار مراقبة واستشعار ذات دقة عالية، ما يضيف ثقلًا استراتيجيًا جديدًا للمنطقة.
الأردن
أطلق برامج أكاديمية وتقنية في علوم الفضاء، في إطار بناء كوادر عربية تملأ فجوة الخبرات التي لطالما اعتمدت فيها الدول العربية على مراكز بحثية إسرائيلية أو غربية.

لحظة فارقة: معرض دبي الجوي والهندسة القانونية للفضاء
وصفت "يديعوت" معرض دبي الجوي بأنه "لحظة فارقة" أبرزت:
-
نضج البنية التشريعية العربية
-
انتقال الطموح من الاستيراد إلى التطوير المحلي
-
حضور وكالات فضاء دولية كبرى
-
رسوخ الإمارات كمركز إقليمي للخبرات الفضائية
وكشفت الصحيفة أن المشاركة العربية اتسمت بـ تركيز قانوني واضح، حيث ناقشت الوفود:
-
سيادة الدول العربية في الفضاء
-
تنظيم استخدام الأقمار الصناعية
-
ضبط عمليات الرصد والمراقبة
-
الحد من التدخلات التقنية الخارجية (وهي إشارة ضمنية لإسرائيل)
لماذا تقلق إسرائيل؟
تكشف الصحيفة عن ثلاثة مخاوف مركزية:
1. فقدان التفوق الرقابي
القدرات العربية الجديدة في التصوير، تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، قد تقلّص من المساحة التي كانت إسرائيل تتحرك ضمنها تاريخيًا دون منافسة.
2. بناء إطار قانوني عربي يحد من تدخل إسرائيل
وجود تشريعات عربية–إقليمية للاستخدام السلمي للفضاء يعني:
-
تجريم الاختراق الفضائي
-
فرض قيود على جمع المعلومات
-
حماية البنية التحتية العربية من التجسس
3. صعود محور عربي–آسيوي
التعاون مع الصين وروسيا — كما ذكرت الصحيفة — يفتح المجال لإعادة رسم خريطة التحالفات الفضائية، وهذا يحد من قدرة إسرائيل على التحكم في الممرات المعلوماتية الإقليمية.
خلاصة: مواجهة قانونية وعلمية تشكّل ملامح شرق أوسط جديد
ترى "يديعوت أحرونوت" أن ما يجري يشبه “مواجهة عربية قانونية–تقنية”، لا تتخذ شكل الصراع التقليدي، بل تتم من خلال:
-
تطوير القدرات الفضائية
-
بناء تشريعات عربية مستقلة
-
تعزيز السيادة الرقمية
-
خلق منظومات رصد عربية لا تتبع الغرب أو إسرائيل
وبحسب الصحيفة، فإن السباق العربي للفضاء لم يعد هامشيًا، بل أصبح “معركة هادئة لكنها شديدة العمق” تقود إلى إعادة تشكيل ميزان القوة في الشرق الأوسط.
وهو سباق — كما تقول الصحيفة — “يقلق إسرائيل أمنيًا وتقنيًا، رغم التزامها الصمت العلني.”




