نرمين نبيل تكتب :المنيا بين العرف والقانون.. تهجير أسرتين يشعل الجدل حول الجلسات العرفية وغياب العدالة الرسمية
شهدت احدى قرى محافظة المنيا خلافا فرديا تحول الى مشكلة أكبر من حجمه الحقيقي. وبدلا من أن تتولى السلطات الرسمية التحقيق واتخاذ الاجراء القانوني، تم عقد جلسة عرفية انتهت بقرار تهجير اسرتين بالكامل، رغم ان افراد الاسرتين لم يرتكبوا الفعل محل النزاع. وهكذا حل العرف محل القانون، والعقوبة الجماعية محل العدالة، وهو ما اثار استغراب الجميع لأن القانون أصبح مجرد متفرج في الخلفية.
العرف يحكم. علي حساب القانون
الجلسات العرفية قد تبدو أحيانا وسيلة سريعة لانهاء النزاعات، لكنها في الواقع تفتح الباب لتجاوز القانون وتطبيق عقوبات جماعية بلا محاكمات رسمية ولا ضمانات. تصبح السلطة في هذه الحالة بيد "العرّافين" أو "المشايخ" وليس بيد الدولة، وتصبح العدالة رهينة لمزاج الحضور أو العلاقات العائلية.
أزمة العدالة الجماعية
المشكلة الأساسية في هذه الجلسات أنها تتعامل مع الفعل الفردي كأنه قضية جماعية. اسرة بأكملها تتحمل تبعات خطأ فرد واحد، وهو ما يخالف أي مبدأ أساسي في القانون الذي يفصل بين المسؤول عن الفعل والمجموعة المحيطة به.
كما أن هذه الجلسات تمنع تطور المؤسسات القضائية وتضعف الثقة فيها. عندما يصبح العرف هو الحاكم الفعلي، يتحول القانون إلى مجرد ورقة مطوية في درج، والدستور إلى شعار بلا تأثير على الأرض.
الاجراءات العرفية قد تكون سريعة، لكنها ليست عادلة
لا يمكن للدولة أن تبني نظام عدالة فعال إذا استمر السماح بهذه الممارسات. الاجراءات العرفية قد تكون سريعة، لكنها ليست عادلة، وأي حل يعتمد عليها أكثر من مرة يكرس الشعور بالظلم ويضعف سلطة القانون.
الجلسات العرفية ليست بديلة عن الدولة، ولا يمكن أن تكون حكما دائما لأي نزاع. الدولة مطالبة بفرض القانون، وتطبيق العدالة بطريقة شفافة وموحدة، دون السماح للعادات أو النفوذ الاجتماعي بأن يتجاوز الحقائق والحق.

















