أسرار أخطر فيضان في تاريخ النيل يضرب مصر والسودان ...استعداد مصر أنقذها من الفيضان

في الوقت الذي كانت فيه إثيوبيا تحتفل بافتتاح وتشغيل سد النهضة وسط أجواء دعائية صاخبة، تحوّل المشهد فجأة إلى كابوس مائي ضرب السودان ومصر معًا. خلال أيام قليلة فقط، أصبح النيل الأعلى عنوانًا لواحد من أخطر الفيضانات في تاريخه الحديث، وبينما غرق السودان في موجة مائية غير مسبوقة، نجت مصر بأعجوبة بفضل السد العالي والاستعداد المسبق لإدارة الأزمة.
من لحظة الافتتاح إلى "فيضان الخراب"
في 9 سبتمبر، ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خطابًا متفائلًا عن "نجاح السد" وبداية عصر جديد للطاقة والتنمية. لكن بعد ساعات، أعلنت السلطات السودانية الإنذار الأحمر بعدما اجتاحت موجات فيضانية مدن سنار والخرطوم والروصيرص، وأغرقت آلاف الأفدنة الزراعية في توقيت كارثي قبل موسم الحصاد.
صور الأقمار الصناعية كشفت أن المفيض الاحتياطي للسد بدأ العمل بشكل عشوائي لأول مرة منذ إنشائه، ما أثار الشكوك حول كفاءة التوربينات وقدرتها على تصريف المياه بشكل منتظم.
مصر تمتص الصدمة بفضل السد العالي
في غضون أيام، ارتفع منسوب بحيرة ناصر بمترين كاملين، واستوعبت السدود المصرية 15 مليار متر مكعب إضافية من المياه – أي ما يعادل ربع الحصة السنوية لمصر من النيل.
هذا الاستيعاب السريع حال دون كارثة محققة كان من الممكن أن تغرق قرى بأكملها في صعيد مصر.
الاستعدادات المسبقة من وزارة الموارد المائية والري، وخطط إدارة الطوارئ التي جرى تطويرها خلال السنوات الماضية، لعبت الدور الحاسم في حماية مصر من الكارثة.
السودان الخاسر الأكبر
في المقابل، دفع السودان الثمن الأكبر:
-
غرق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
-
خسارة موسم كامل للمزارعين.
-
تدمير البنية التحتية في بعض المناطق.
-
تشريد مئات الأسر مع انهيار منازلهم البسيطة أمام قوة المياه.
الحكومة السودانية لم تتردد في وصف ما حدث بأنه "فيضان القرن"، وأعلنت أنها ستعيد النظر في تعاملها مع ملف سد النهضة بعد الكارثة.
أسئلة مخيفة بلا إجابة
هذا الحدث فجّر تساؤلات خطيرة:
-
هل كان الفيضان نتيجة خلل فني في السد وعدم كفاءة التوربينات؟
-
أم أن التصريف العشوائي كان قرارًا سياسيًا متعمّدًا لإرسال رسائل ضغط لمصر والسودان؟
-
كيف يمكن الوثوق في سد لم يمر سوى أشهر على تشغيله وسبب كارثة بهذا الحجم؟
مصر من جانبها قدمت شكوى رسمية إلى مجلس الأمن، مؤكدة أن ما حدث ليس سيناريو افتراضيًا بل واقع يهدد أمنها المائي والقومي بشكل مباشر.
البُعد الاستراتيجي للكارثة
-
على مستوى السودان: ضُرب قطاع الزراعة في مقتل، وتكبد المزارعون خسائر فادحة.
-
على مستوى مصر: تأكد أن السد العالي ما زال يمثل خط الدفاع الأول عن الأمن المائي المصري.
-
على مستوى المنطقة: أصبح واضحًا أن ملف سد النهضة ليس مشروعًا تنمويًا فقط، بل قضية أمن قومي واستقرار إقليمي.
"إنجاز القرن" يتحول إلى قنبلة مائية موقوتة
الفيضان الأخير كشف هشاشة الموقف الإثيوبي، وأكد أن السد الذي صُوِّر على أنه "إنجاز القرن" قد يتحول إلى قنبلة مائية موقوتة. في المقابل، أثبتت مصر أنها كانت على استعداد كامل، وأن السد العالي لا يزال صمام الأمان الذي أنقذ البلاد من كارثة محققة.