مصر تعلن تضامنها مع الصومال وتؤكد دعمها للاستقرار في ظل التوترات الإقليمية بالقرن الأفريقي

أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي تضامن القاهرة الكامل مع الشعب الصومالي، وتجديد التزامها بمواصلة دعم جهود الحكومة الفيدرالية في مقديشو لتحقيق الأمن والاستقرار، وذلك في وقت تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي أحداثًا متسارعة وصراعات متشابكة ألقت بظلالها على الأمن الإقليمي.
مصر والصومال.. علاقات استراتيجية متنامية
أوضحت الخارجية المصرية أن القاهرة مستمرة في المساهمة الفعالة ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM)، التي بدأت عملها مطلع يناير 2025 خلفًا لبعثة "أتميس"، وذلك لتهيئة الظروف الملائمة لتولي الصومال المسؤولية الكاملة عن حفظ أمنه الداخلي.
ويأتي ذلك استنادًا إلى إعلان ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في القاهرة يوم 23 يناير 2024، خلال زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وهو ما اعتُبر نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين.
سياق إقليمي متوتر
البيان المصري جاء في وقت بالغ الحساسية، حيث يشهد القرن الأفريقي توترات متصاعدة، أبرزها النزاع المصري-الإثيوبي حول سد النهضة الذي يهدد أمن مصر المائي بنسبة تصل إلى 97% من حصتها من مياه النيل.
وتضاعفت حدة التوتر بعد توقيع إثيوبيا اتفاقية مثيرة للجدل مع إقليم صوماليلاند الانفصالي في يناير 2024، والتي منحت أديس أبابا منفذًا بحريًا وفتحت الباب أمام الاعتراف باستقلال الإقليم، ما اعتبرته الصومال انتهاكًا صارخًا لسيادتها.
ورداً على هذه التطورات، انضمت مقديشو إلى تحالف ثلاثي يضم مصر وإريتريا خلال قمة أسمرة في أكتوبر 2024، وهو التحالف الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، ومطالبة مقديشو بطرد القوات الإثيوبية من أراضيها بحلول نهاية 2024.
تحديات داخلية متصاعدة
إلى جانب الضغوط الإقليمية، يواجه الصومال تحديات أمنية متجددة مع تصاعد هجمات حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي كثفت عملياتها خلال عام 2025 في مناطق جنوب ووسط الصومال مثل شيبيلي السفلى والوسطى، وأسفرت عن مقتل مئات الجنود والمدنيين.
هذه الأوضاع دفعت الاتحاد الأفريقي إلى إطلاق بعثة AUSSOM لدعم القوات الصومالية في مواجهة الإرهاب، مع تعزيز مشاركة مصر بما يصل إلى 5000 جندي إضافي متمركزين في إقليم هيران الحدودي مع إثيوبيا، وفق ما أعلنته القاهرة في أغسطس 2024.
تعاون أمني متزايد
كما شهدت العلاقات الأمنية بين مصر والصومال تقاربًا متزايدًا عقب الاشتباكات التي اندلعت في جوبالاند في يوليو 2025، حيث ساهمت القاهرة في دعم جهود الحكومة الصومالية لاستعادة السيطرة على المناطق الحدودية وتعزيز الاستقرار الداخلي.
رؤية مصر للمستقبل
شدد البيان المصري على أن القاهرة ماضية في تعزيز التعاون الاستراتيجي والاقتصادي والثقافي مع مقديشو، بهدف تحقيق المنفعة المتبادلة للشعبين، مؤكدة أن ما يجمع مصر والصومال من روابط تاريخية عميقة يجعل من استقرار الصومال ركيزة أساسية لاستقرار القرن الأفريقي بأسره.
دعم مصر للصومال لا يُعد فقط موقفًا تضامنيًا بل جزءًا من استراتيجية شاملة لضمان أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي
يؤكد البيان المصري أن الصراع في القرن الأفريقي بات يتجاوز البعد المحلي ليأخذ أبعادًا إقليمية ودولية، حيث يتقاطع ملف سد النهضة مع النزاع في الصومال ومعركة مكافحة الإرهاب. ومن هنا، فإن دعم مصر للصومال لا يُعد فقط موقفًا تضامنيًا، بل جزءًا من استراتيجية شاملة لضمان أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهو ما يعزز دور القاهرة كفاعل إقليمي محوري في المنطقة.