من بائع خضار إلى بارون الشابو الساقط… القصة الكاملة لحازم العركي الذي أراد دخول البرلمان

في مشهد أقرب إلى سيناريوهات الأفلام الدرامية، دوّى خبر سقوط تاجر المخدرات الشهير حازم العركي، الرجل الذي عرفته الأسواق الشعبية عام 2020 كبائع خضار بسيط، قبل أن يتحوّل خلال خمس سنوات فقط إلى أسطورة في عالم تجارة السموم، ورجل أعمال يملك ملايين الجنيهات ومزارع وعقارات، ويحلم بالجلوس تحت قبة البرلمان نائبًا عن الشعب. لكن حلمه انتهى بضربة قاصمة وجهتها له الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، لتكتب السطر الأخير في حكاية صعود صاروخي وسقوط مدوٍ.
البداية المتواضعة… بائع خضار في 2020
لم يكن أحد يتوقع أن الشاب البسيط حازم العركي، الذي كان يعمل بائعًا للخضار في أسواق محافظة قنا، سيصبح بعد سنوات قليلة أحد أخطر تجار المخدرات في مصر. ظروفه الاقتصادية المتواضعة وطموحه غير المشروع قاداه إلى عالم آخر، حيث وجد في تجارة السموم طريقًا مختصرًا للثراء السريع.
اللقاء بالمعلم الأكبر… بداية التحول
التحول الكبير في حياة العركي بدأ عندما التقى بمحمد فتحي، المعروف في الأوساط الإجرامية بلقب "المعلم الأكبر"، والذي فتح أمامه أبواب تجارة المخدرات وعلّمه أسرار المهنة. ومع الوقت، تمكن العركي من بناء شبكة توزيع قوية، ليصبح أحد أشهر موزعي مخدر الشابو في الصعيد، قبل أن يوسّع نشاطه إلى مناطق أخرى.
من سوق الخضار إلى إمبراطورية العقارات والمزارع
بفضل عائدات تجارة الشابو، قفزت ثروة حازم العركي بشكل صاروخي. اشترى مزارع شاسعة وأراضي زراعية بملايين الجنيهات، كما امتلك عقارات فاخرة في القاهرة والصعيد. لم يكتفِ بجمع الأموال، بل سعى إلى تلميع صورته الاجتماعية كرجل أعمال ناجح، ليخفي حقيقة أنه أحد أبرز أباطرة المخدرات.
إدخال الشابو إلى الإسماعيلية… التوسع الأخطر
بحسب المعلومات الأمنية، لعب العركي دورًا محوريًا في إدخال كميات ضخمة من مخدر الشابو إلى محافظة الإسماعيلية، وهو ما جعل اسمه يرتبط بانتشار هذه السموم في المنطقة. لم يعد مجرد تاجر محلي، بل أصبح اسمه يُذكر كأحد أبرز موزعي الشابو في مصر، بامتداد نفوذه من الصعيد حتى مدن القناة والدلتا.
الطموح السياسي… حلم البرلمان
في مفارقة صادمة، أعلن حازم العركي خلال العام 2025 عن نيته الترشح لانتخابات مجلس النواب المقبلة. استند في خطته إلى نفوذه المالي وشبكة مصالحه، ظنًا منه أن المال قادر على فتح أبواب السياسة. كان يطمح أن يتحول من "تاجر سموم" إلى "نائب شعب"، ليغسل صورته أمام المجتمع. لكن طموحه لم يكن سوى سراب تحطّم أمام أعين رجال القانون.
الضربة الأمنية… سقوط مدوٍ
لم تغفل إدارة مكافحة المخدرات تحركات العركي، فوضعت تحت المجهر كل أنشطته المالية والإجرامية. وبعد تحريات دقيقة استمرت شهورًا، شنّت قوة أمنية مداهمة موسعة انتهت بالقبض عليه متلبسًا وبحوزته كميات كبيرة من مخدر الشابو، إلى جانب مبالغ مالية ضخمة ومشغولات ذهبية. لتكتب النهاية الحاسمة لرحلة مليئة بالجشع والغرور.
انهيار الحلم وتبدد الأسطورة
مع إعلان خبر القبض عليه، انهار حلم العركي في دخول البرلمان، وسقطت الأسطورة التي بناها على مدار خمس سنوات. الرجل الذي أراد أن يضع اسمه بين رجال السياسة سقط كأي تاجر مخدرات آخر، ليثبت أن المال الحرام لا يمكن أن يصنع مجدًا ولا أن يفتح أبواب السلطة.
رسائل ودروس من قضية العركي
قصة حازم العركي تحمل رسائل قوية للمجتمع. أهمها أن الجريمة قد تمنح صاحبها ثراءً سريعًا، لكنها أبدًا لا تمنحه مستقبلًا آمنًا. وأن محاولات غسل الأموال والاندماج في الحياة السياسية والاجتماعية لن تمنع العدالة من الوصول إلى المجرمين. كما تعكس القضية يقظة الأجهزة الأمنية التي تمكنت من إحباط مخطط خطير كان يهدف إلى تسلل أباطرة المخدرات إلى مؤسسات الدولة.
المال الحرام لا يبني إلا وهماً
حكاية حازم العركي، بائع الخضار الذي أصبح بارون شابو وحلم بالبرلمان قبل أن ينتهي خلف القضبان، تظل واحدة من أكثر القصص درامية في عالم الجريمة. قصة تُثبت أن المال الحرام لا يبني إلا وهماً، وأن نهاية كل بارون مخدرات هي السقوط في قبضة العدالة مهما طال الزمن.