تحقيق دولي يكشف أسرار «عملية نارنيا» الإسرائيلية: اغتيال علماء نوويين إيرانيين وشبكة عملاء داخل طهران
كشف تحقيق استقصائي مشترك أجرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية وبرنامج التحقيقات التلفزيوني PBS، تفاصيل غير مسبوقة عن العملية الإسرائيلية السرية التي استهدفت علماء الطاقة النووية الإيرانيين، والمعروفة إعلاميًا باسم «عملية نارنيا»، والتي أسفرت عن مقتل 11 عالمًا نوويًا بارزًا خلال الأيام الأولى من تنفيذها.
ويُعد هذا التحقيق من أخطر ما نُشر حول العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية داخل إيران، لما تضمنه من معلومات عن حجم الاختراق، وأسلوب التنفيذ، والأبعاد السياسية والعسكرية المرتبطة بالعملية.
ما هي «عملية نارنيا» الإسرائيلية ضد علماء إيران النوويين؟
بحسب التحقيق، شكّلت عملية نارنيا واحدة من أعقد العمليات الاستخباراتية التي نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي، إذ اعتمدت على تنشيط أكثر من 100 عميل إيراني داخل الأراضي الإيرانية، جرى تزويدهم بأسلحة متطورة وسرية لتنفيذ ضربات دقيقة استهدفت:
-
علماء مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني
-
منشآت عسكرية حساسة
-
مواقع لوجستية مرتبطة بتطوير القدرات النووية
وأكد التحقيق أن هؤلاء العملاء لم يكونوا على دراية كاملة بالخطة الشاملة، حيث جرى إبلاغهم بمهام جزئية فقط، في إطار سياسة تقسيم المعلومات لتقليل احتمالات تسريب العملية.
تدريب العملاء واختراق العمق الإيراني
أوضح التحقيق أن:
-
عددًا من العملاء الإيرانيين خضعوا لتدريبات خاصة داخل إسرائيل ودول أخرى
-
التدريب شمل استخدام أسلحة دقيقة وتقنيات اغتيال متطورة
-
التنفيذ تم من داخل العمق الإيراني، وعلى مقربة من طهران
وقال مسؤول إسرائيلي مطّلع على العملية:
«هذه العملية غير مسبوقة في التاريخ، فقد بدأنا العمليات البرية باستخدام عملائنا قبل دخول سلاح الجو الإسرائيلي المجال الجوي الإيراني».
قائمة الاغتيالات: من 100 عالم إلى 11 هدفًا
كشف التحقيق أن الموساد عمل على إعداد ملف استخباراتي ضخم عن علماء النووي الإيرانيين على مدى عقود، تضمن:
-
تتبع تحركات العلماء
-
مراقبة أماكن سكنهم
-
جمع معلومات عن عائلاتهم وروتينهم اليومي
وتم إعداد قائمة أولية تضم 100 عالم نووي إيراني، جرى تقليصها لاحقًا إلى 12 عالمًا بارزًا، نُفذت عمليات الاغتيال بحق 11 منهم خلال الأيام الأولى فقط.
توقيت التنفيذ وأسلوب الهجوم
بحسب التحقيق، بدأت العمليات:
-
في ساعات الفجر الأولى بعد الثالثة صباحًا
-
باستهداف شقق سكنية لعلماء نوويين
واعتبرت السلطات الإسرائيلية أن هذا الأسلوب:
-
أكثر فاعلية من مجرد تعطيل مؤقت للبرنامج النووي
-
يهدف لإحداث ضرر طويل الأمد في البنية العلمية للبرنامج
خداع استخباراتي وإدارة سياسية موازية
أشار التحقيق إلى أن إسرائيل نفذت عملية خداع إعلامي واسعة قبل الهجوم، تضمنت:
-
تسريب معلومات مضللة للصحافة
-
الإيحاء بأن التهديد العسكري محدود
وذلك بالتوازي مع استمرار مفاوضات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع إيران، في خطوة هدفت إلى تقليل مستوى الاستعداد الإيراني.
عرض أمريكي سري ورفض إيراني
بعد بدء الهجوم، كشف التحقيق أن:
-
ترامب أرسل اقتراحًا سريًا لطهران
-
يتضمن رفع العقوبات مقابل:
-
إغلاق منشآت تخصيب اليورانيوم
-
وقف دعم الفصائل المسلحة التابعة لإيران في المنطقة
-
لكن القيادة الإيرانية رفضت العرض، ليوافق ترامب لاحقًا على الضربات الأمريكية.
خسائر مدنية وتداعيات إنسانية
أسفرت العملية الإسرائيلية، بحسب التحقيق، عن:
-
مقتل 71 مدنيًا على الأقل
-
بينهم طفل عمره عامان
-
ومراهق يبلغ 17 عامًا، وهو نجل أحد العلماء النوويين
في واقعة مأساوية، قُتل العالم لاحقًا أثناء مشاركته في جنازة ابنه، ما أثار انتقادات واسعة حول الكلفة الإنسانية للعملية.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أنهم:
-
بذلوا «أقصى جهد ممكن» لتقليل الخسائر المدنية
-
وضعوا الحد من الأضرار الجانبية كأحد المعايير الأساسية للتخطيط
هل نجحت العملية في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟
وفق التقييمات اللاحقة للحرب:
-
تأخر البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير
-
لكنه لم يُدمَّر بالكامل
-
ما يجعل تقدير حجم الأضرار الدقيقة أمرًا معقدًا
في المقابل، تؤكد الجهات الإسرائيلية والأمريكية أن عملية نارنيا نجحت في تعطيل تقدم إيران النووي مؤقتًا، ومنحت المجتمع الدولي وقتًا إضافيًا لإعادة ترتيب خياراته السياسية والعسكرية.
قراءة استراتيجية للعملية
يرى محللون أن ما كشفه التحقيق:
-
يوضح حجم الحرب الاستخباراتية الخفية بين إسرائيل وإيران
-
يؤكد أن استهداف «العقول العلمية» أصبح أداة مركزية في الصراعات الحديثة
-
يفتح تساؤلات أخلاقية وقانونية حول حدود العمليات السرية وتأثيرها على المدنيين
















