رسائل إسرائيل المقلقة حول صفقة إف-35 للسعودية … وواشنطن تبحث عن “حل وسط” يضمن التفوق الإسرائيلي
أصرار إسرائيلي علي اقحام مصر في كافة القضايا والملفات
كشفت تقارير أمريكية وإسرائيلية متطابقة أن البيت الأبيض استمع جيدًا للرسائل المقلقة القادمة من تل أبيب بشأن صفقة طائرات إف-35 المحتملة مع السعودية، وأن الإدارة الأميركية تبحث عن صيغة وسط تحفظ مصالحها وتمنع انفجار الخلاف مع إسرائيل.
ورغم أن القضية تبدو ثنائية بين واشنطن وتل أبيب، إلا أن السلوك الإسرائيلي المعتاد بإقحام الدول العربية — وخاصة مصر — في كل ملف إقليمي كبير، عاد للظهور في الكواليس التحليلية. فإسرائيل ترى أن أي تحرك سعودي أو خليجي على مستوى التسليح أو النفوذ الإقليمي ينعكس بالضرورة على "ميزان القوى مع مصر"، وهو ما تستخدمه كورقة لإثارة توترات إضافية داخل الإدارة الأمريكية وجعل الملف أكثر حساسية.
إف-35… التفوق الإسرائيلي “خط أحمر” أمريكي منذ عقود
تشير التقارير إلى أن واشنطن تتفهم أن منح السعودية مقاتلات إف-35 سيغيّر المشهد الإقليمي بالكامل، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا مباشرًا لـ تفوقها العسكري النوعي، ذلك التفوق الذي يملك حماية قانونية أمريكية فعلية.
وتنقل القناة الإسرائيلية 12 عن مسؤولين أميركيين قولهم إن “الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل ليس مجرد سياسة، بل التزام مُقرّ في الكونغرس منذ عام 2008”، بموجب قانون يُلزم الولايات المتحدة بعدم السماح لأي دولة في الشرق الأوسط بامتلاك أسلحة نوعية تتفوق على إسرائيل أو تعادلها.
ولهذا السبب، ورغم الرغبة الأميركية في تعزيز الشراكة الأمنية مع السعودية، فإن إدارة بايدن (وكذلك إدارة ترامب سابقًا) مضطرة للبحث عن آليات “تعويض أمني” لإسرائيل، سواء عبر أنظمة دفاعية إضافية أو تحديثات تكنولوجيا غير قابلة للنقل.

رسائل البيت الأبيض: تفاهمات إضافية مع إسرائيل قبل المضي قدماً
ونقلت القناة عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن الإدارة ستجري محادثات أعمق مع الجانب الإسرائيلي لضمان “توازن الصفقة”، في إشارة إلى أن واشنطن لن تمضي في اتفاق التسليح دون توفير ما يكفي لطمأنة تل أبيب.
وأضاف المسؤول الأميركي أن “الولايات المتحدة ملتزمة بالقانون الذي يضمن التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي… ولن ننتهك ذلك”.
سنوات طويلة قبل أول طائرة… وإسرائيل تستغل الوقت للضغط وتعويض نفسها
رغم الضجيج السياسي والإعلامي، تشير واشنطن إلى أن الصفقة — حتى لو اكتملت — ستحتاج سنوات طويلة قبل تسليم أول طائرة للسعودية. هذا يعني أن لدى إسرائيل مساحة زمنية واسعة لمواصلة:
-
رفع حجم مطالب “التعويض الأمني”
-
طلب رزم أسلحة إضافية
-
توسيع التعاون الاستخباراتي
-
وربما تعزيز شروطها بشأن ملفات إقليمية منها مصر وغزة ولبنان
فكل ملف إقليمي — حتى لو لم تكن مصر طرفًا مباشرًا — يتم استخدامه في المفاوضات عبر “تأثيره غير المباشر على الموازين الإقليمية”.
السعودية: لا ربط بين طائرات إف-35 والتطبيع… وإسرائيل تخسر ورقتها الأقوى
المفارقة جاءت من الجانب الأمريكي نفسه: واشنطن لا ترغب في ربط صفقة إف-35 بملف التطبيع السعودي-الإسرائيلي، خلافًا للمطلب الإسرائيلي العلني والخفي.
كما أكدت مصادر سعودية للقناة أن لا رابط ولا مشروطية بين الصفقتين، في خطوة اعتبرتها دوائر إسرائيلية ضربة قوية لجهود تل أبيب في استخدام التفوق العسكري كوسيلة لابتزاز سياسي ودفع السعودية نحو تسريع التطبيع.
وبذلك، تفقد إسرائيل واحدة من أهم “أوراق الضغط” التي كانت تراهن عليها لجرّ السعودية إلى اتفاق تطبيع مقابل السماح بتمرير الصفقة.
إسرائيل… تخوفات وجودية وإقحام مستمر للدول العربية
تؤكد مصادر أمريكية أن جزءًا من القلق الإسرائيلي لا يتعلق بالسعودية فقط، بل بفكرة أن امتلاك أي دولة عربية — سواء كانت السعودية أو الإمارات أو مصر — مقاتلات متقدمة يفتح الباب لتغيّر أوسع في معادلة القوة الإقليمية.
ولهذا، تُكثر إسرائيل من الإيحاء في كواليس واشنطن بأن أي تقدم عسكري عربي "سينعكس تلقائيًا على موازين القوى مع مصر"، في محاولة لجعل كل ملف يمر عبر البوابة الإسرائيلية حصريًا.
















