يوم دامٍ في غزة.. إسرائيل تعلن إعادة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بعد استشهاد 40 فلسطينياً

تصاعد ميداني يعيد التوتر إلى المشهد الغزّي
شهد قطاع غزة، يوم السبت، يوماً دموياً جديداً أسفر عن استشهاد 40 فلسطينياً، في أعقاب قصف إسرائيلي استهدف عدداً من مناطق القطاع، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي إعادة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة دولية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب:
"بناء على توجيهات القيادة السياسية، بدأنا إعادة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن خرقته حماس. سنواصل الالتزام بالاتفاق، لكننا سنرد بقوة شديدة على أي خرق جديد له."
رسائل أمريكية وتوازن دبلوماسي هش
وفي تطور لافت، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر دبلوماسية أمريكية تأكيدها أن واشنطن وجهت رسالة واضحة إلى تل أبيب مفادها:
“يمكنكم الرد على الانتهاكات، لكن دون تقويض الاتفاق.”
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه القناة 12 الإسرائيلية نقلاً عن مصدر أمني أن الاتفاق لا يزال قائماً، مضيفًا:
“لا داعي للقلق بشأن وقف إطلاق النار، فإسرائيل لا تريد انهياره، وما جرى كان رداً على خرق من حماس فقط، وسيستمر العمل بالاتفاق ما لم تُجدّد الانتهاكات.”
ضغوط أمريكية لإعادة فتح المعابر
وكشف موقع أكسيوس الأمريكي أن إسرائيل تراجعت عن قرار إغلاق المعابر الحدودية بعد ضغوط مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن تل أبيب وافقت على إعادة فتح المعابر واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة اعتباراً من صباح الغد.
ويأتي هذا القرار بعد ساعات من إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تعليق المساعدات "حتى إشعار آخر"، وهو ما تراجع عنه لاحقًا بعد تدخل أمريكي مكثف.
بن غفير يهاجم نتنياهو ويصف التراجع بـ"المخزي"
وفي الداخل الإسرائيلي، أثارت قرارات الحكومة انقسامًا واضحًا، حيث هاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قرار مكتب رئيس الوزراء بالعودة عن وقف المساعدات، ووصفه بأنه:
“مخزٍ وغير مبرر”.
وأضاف بن غفير في تصريحات نقلتها الصحافة العبرية:
“يجب وقف سياسة التراجع، والعودة إلى قتال مكثف في أقرب وقت، عبر المناورات العسكرية والاحتلال وتشجيع الهجرة.”
تصريحاته عكست تصاعد الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بين التيار المتشدد بزعامة بن غفير، وبين القيادة السياسية التي تحاول الحفاظ على التهدئة في ظل ضغوط أمريكية ودولية.
مشهد إنساني مأساوي في غزة
في المقابل، أكدت مصادر طبية فلسطينية أن القصف الإسرائيلي أسفر عن استشهاد 40 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات، في يوم وصفته وسائل إعلام فلسطينية بأنه “الأسوأ منذ بدء اتفاق التهدئة”.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن الطواقم الطبية تواجه عجزاً حاداً في الإمدادات نتيجة تأخر دخول المساعدات، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
تحليل الموقف السياسي
يرى محللون أن إسرائيل تحاول عبر هذا النهج الجمع بين الالتزام الدبلوماسي والرد العسكري المحدود، لتفادي انهيار التهدئة، وفي الوقت ذاته إبقاء الضغط على حماس.
بينما تمثل المواقف المتشددة من شخصيات مثل بن غفير تهديداً سياسياً داخلياً لنتنياهو، الذي يحاول تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الأمن والضغوط الدولية.
مستقبل وقف إطلاق النار في ضوء الانقسام داخل إسرائيل
يرى مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يسير على خيطٍ دقيق بين السياسة والديناميكيات العسكرية. فبينما تحاول حكومة نتنياهو الحفاظ على الهدوء النسبي بدافع الضغوط الأميركية والدولية، فإن تيار اليمين المتشدد بزعامة بن غفير يدفع نحو العودة إلى المواجهة الشاملة، ما يهدد بتقويض أي فرصة لاستقرار طويل الأمد.
وفي المقابل، فإن الإدارة الأميركية تبدو عازمة على منع انهيار الاتفاق لتفادي اندلاع موجة عنف جديدة في المنطقة، خصوصًا في ظل استمرار المفاوضات حول المساعدات وإعادة الإعمار.
ويرجّح محللون أن المرحلة المقبلة ستشهد محاولات دقيقة لإعادة بناء الثقة بين الأطراف، مع مراقبة ميدانية صارمة لأي خروقات قد تعيد التصعيد إلى المربع الأول.
ويظل السؤال المطروح اليوم:
هل يمكن لاتفاق هشّ تحكمه الضغوط المتبادلة أن يصمد في وجه التصريحات النارية والانقسامات الداخلية في إسرائيل؟
الإجابة — بحسب أغلب المراقبين — ستتوقف على قدرة الطرفين على كبح جماح التصعيد، وإرادة واشنطن في فرض استقرارٍ سياسي ولو مؤقت.