تسريبات “الملحق الإنساني” لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة: 600 شاحنة مساعدات يوميًا وعودة الفلسطينيين عبر معبر رفح تحت إشراف أوروبي

في تطوّر جديد جاء عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تسريبات لما وصفته بـ“الملحق الإنساني” المرافق للاتفاق، والذي يتضمّن إجراءات غير مسبوقة تتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وفتح معبر رفح أمام حركة المسافرين وعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، وذلك بعد أكثر من عامين من الإغلاق شبه الكامل.
ورغم أن الحكومة الإسرائيلية أو الوسطاء لم يعلنوا رسميًا عن هذا الملحق حتى الآن، فإن الوثيقة المسربة من إذاعة الجيش الإسرائيلي تتحدث عن بنود تفصيلية تتعلق بالحركة الإنسانية والإغاثية داخل القطاع.
أبرز بنود “الملحق الإنساني” المسرب
1. إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا
وفقًا لما نشرته الإذاعة، ستسمح إسرائيل بإدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى قطاع غزة عبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعتمدة والقطاع الخاص، وهي سابقة لم تحدث منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.
تتضمن هذه الشاحنات مواد غذائية ومستلزمات طبية ووقودًا وغازًا للطهي، إضافة إلى تجهيزات خاصة بالملاجئ والمستشفيات.
2. حرية الحركة عبر محورين رئيسيين
من البنود اللافتة في الوثيقة أيضًا أن حركة الشاحنات ستكون حرة من جنوب القطاع إلى شماله عبر محورين رئيسيين: شارع صلاح الدين وشارع الرشيد، وهو ما يُعدّ خطوة مهمة لإيصال المساعدات إلى المناطق الشمالية التي تعاني من دمار واسع ونقص حاد في الإمدادات.
3. فتح معبر رفح للسفر تحت إشراف أوروبي
للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، سيُسمح لسكان غزة بالسفر إلى الخارج عبر معبر رفح، وفقًا للآلية التي تم تطبيقها في اتفاق يناير 2025، على أن يتم ذلك بموافقة إسرائيلية مسبقة وتحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي.
وتشير التسريبات إلى أنه لن تكون هناك قيود على عدد المسافرين المغادرين من غزة إلى الخارج.
4. السماح بعودة الفلسطينيين الذين غادروا غزة
ويُعد هذا البند الأبرز والأكثر حساسية، إذ تنص الوثيقة على أن إسرائيل ستسمح بعودة الفلسطينيين من سكان غزة الذين غادروا القطاع خلال الحرب، عبر معبر رفح، وذلك بعد التنسيق الكامل مع الجانب المصري لتحديد آلية العودة ومعاييرها وعدد المستفيدين منها.
تحركات إنسانية موازية من الجانب المصري
بالتزامن مع إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، أعلن الهلال الأحمر المصري عن إدخال 153 شاحنة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، تضم مواد غذائية وطبية ووقودًا وغازًا للطهي.
وأكدت مصادر ميدانية أن 80 شاحنة تابعة للأمم المتحدة و17 للهلال الأحمر المصري و21 شاحنة قطرية انطلقت من الجانب المصري باتجاه معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها إلى غزة، ضمن ترتيبات المرحلة الأولى من الاتفاق.
اتفاق ترامب وخطة السلام في غزة
الخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إسرائيل وحماس وافقتا على تنفيذ المرحلة الأولى من خطته للسلام في غزة بعد مفاوضات غير مباشرة جرت في القاهرة.
وقال ترامب في منشور على منصته “تروث سوشال” إن الاتفاق “سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن قريبًا جدًا، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه”، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل “الخطوة الأولى نحو سلام دائم وأبدي في المنطقة”.
ووفقًا للبند الثامن من خطة ترامب، فإن فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين سيتم وفق الآلية نفسها المنصوص عليها في اتفاق 19 يناير 2025، الذي شهد مشاركة مصرية وأوروبية في الإشراف على المعبر وتدفق المساعدات.
انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من غزة
وفي تطور ميداني بارز، بدأ الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة انسحابه التدريجي من قطاع غزة بعد مصادقة حكومة بنيامين نتنياهو على المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الانسحاب يجري على مراحل متتالية، حيث يتم سحب القوات إلى الخطوط المتفق عليها مع الإبقاء على بعض النقاط العسكرية المؤقتة لتأمين المناطق الحدودية.
دلالات سياسية وإنسانية
يرى محللون أن الملحق الإنساني المسرب، إن تم تطبيقه فعليًا، سيكون بمثابة نقلة نوعية في مسار الأزمة الإنسانية داخل غزة، إذ يعيد فتح قنوات الإغاثة الدولية ويتيح حركة السكان عبر معبر رفح بعد سنوات من الحصار.
كما أن عودة السكان الذين غادروا القطاع تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام إسرائيل ببنود الاتفاق، خاصة وأن هذا الملف ظل طوال الحرب من أكثر القضايا تعقيدًا في المفاوضات.
ما ينتظر الأيام القادمة
من المتوقع أن تعلن الأطراف الراعية للاتفاق، وعلى رأسها مصر والولايات المتحدة وقطر، خلال الأيام المقبلة عن النصوص الرسمية للملحق الإنساني وتفاصيل تنفيذ المرحلة الأولى.
وحتى ذلك الحين، تبقى التسريبات الصادرة عن الإعلام الإسرائيلي غير مؤكدة رسميًا، لكنها تشي بتحول كبير في طريقة إدارة الملف الإنساني داخل غزة، بعد حرب استمرت عامًا كاملاً خلفت دمارًا واسعًا وأزمة إنسانية غير مسبوقة.