كيف تسعى أمريكا للاستفادة من أموال السعودية؟ .صفقات ترامب العقارية، الضغوط السياسية، والتخوفات الإسرائيلية من التسلح السعودي
تتجه الأنظار هذه الأيام إلى واشنطن، حيث تستعد الولايات المتحدة لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في زيارة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وعسكرية شديدة الحساسية، بالتزامن مع تحركات واضحة من إدارة الرئيس دونالد ترامب لعقد صفقة عقارية ضخمة في مشروع الدرعية—أحد أكبر مشاريع التطوير العمراني في العالم—والذي تديره الحكومة السعودية بميزانية تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات.
وبحسب تقرير نيويورك تايمز، فإن منظمة ترامب العقارية أجرت محادثات متقدمة مع مسؤولين سعوديين لبناء مجمع فاخر داخل مشروع الدرعية، في خطوة أثارت تساؤلات حول تداخل مصالح الرئيس الشخصية مع مصالح الدولة الأمريكية، خاصة أن ترامب كرر خلال رئاسته الأولى عبارته الشهيرة:
“على الدول أن تدفع لأمريكا مقابل حمايتها”
وهو مبدأ يقوم على تحويل التحالفات السياسية إلى صفقات مالية تضمن لواشنطن مكاسب ضخمة من الدول الغنية، وفي مقدمتها السعودية.
السعودية: قوة مالية هائلة لا تستطيع أمريكا تجاهلها

تُعد المملكة اليوم من أكبر المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي، سواء من خلال صناديقها السيادية أو مشترياتها العسكرية الضخمة، ويأتي سعي واشنطن لتعزيز العلاقات معها لعدة أسباب أهمها:
1- الثروة السعودية الضخمة واستثماراتها في أمريكا
تسعى واشنطن لضمان تدفق الاستثمارات السعودية إلى الشركات الأمريكية، خصوصًا مع توسع الرياض في مشاريع عملاقة ضمن رؤية 2030، مثل:
-
نيوم
-
البحر الأحمر
-
القدية
-
الدرعية
وهي مشاريع يراها ترامب “فرصًا لا ينبغي لأمريكا تفويتها”.
2- الحاجة إلى السعودية للطاقة
ورغم اكتفاء أمريكا الذاتي من النفط، ما زالت السعودية لاعبًا رئيسيًا في:
-
استقرار أسعار النفط
-
أمن إمدادات الطاقة عالميًا
-
التحكم في إنتاج أوبك+
وهو ما يمنح الرياض ورقة ضغط لا يمكن لأي إدارة أمريكية تجاهلها.
3- المواجهة مع الصين
أصبحت واشنطن ترى أن جذب السعودية نحوها وإبعادها عن النفوذ الصيني يمثل هدفًا استراتيجيًا، خاصة في:
-
التكنولوجيا
-
الطاقة النووية
-
الذكاء الاصطناعي
-
البنية التحتية الكبرى
الصين اليوم الشريك الاقتصادي رقم واحد للسعودية، وهو ما يقلق واشنطن بشدة.
مشروع الدرعية: صفقة ترامب العائلية التي تغيّر قواعد اللعبة

بحسب تقرير نيويورك تايمز، فإن منظمة ترامب بصدد توقيع عقد عقاري ضخم داخل مشروع الدرعية بقيمة هائلة، وقد زار الرئيس الموقع بنفسه عام 2025.
وتؤكد المصادر أن الصفقة تمثل بالنسبة لترامب:
-
إنجازًا اقتصاديًا ضخمًا
-
بوابة لاستثمارات سعودية إضافية
-
دليلًا على قوة نفوذه الشخصي داخل المملكة
بينما ترى السعودية في الصفقة وسيلة لتعميق علاقتها مع الإدارة الأمريكية القادمة.
التطبيع مع إسرائيل: الثمن السياسي المطلوب مقابل F-35 والضمانات الأمنية
تسعى واشنطن إلى إقناع الرياض بقبول التطبيع الكامل مع إسرائيل، في إطار اتفاق أمني ثلاثي يشمل:
-
ضمانات دفاعية أمريكية للسعودية
-
بيع مقاتلات F-35 للأميركية للمملكة
-
تعاون استخباراتي ثلاثي
لكن إسرائيل هي من تمتلك ورقة الفيتو، حيث ينص القانون الأمريكي على:
ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي Qualitative Military Edge
وهنا تبدأ المخاوف الإسرائيلية.
التخوف الإسرائيلي من السعودية: هل تصبح الرياض قوة نووية؟

نشرت القناة 12 العبرية تقريرًا خطيرًا، كشفت فيه:
-
قلقًا كبيرًا داخل الأمن الإسرائيلي من امتلاك السعودية مقاتلات الشبح F-35
-
وحصولها على تقنيات نووية مدنية قد تُستخدم لأغراض عسكرية في المستقبل
وذكرت القناة أن القوات الجوية الأمريكية اختبرت حديثًا قدرة F-35 على إسقاط قنبلة نووية تكتيكية، ما يعني أن:
“من يمتلك F-35 سيصبح قادرًا على حمل سلاح نووي دون الحاجة إلى صواريخ باليستية.”
وهذا سيناريو تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا مباشرًا.
وتخشى إسرائيل أن يؤدي ذلك إلى:
-
سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط
-
فقدان تفوقها الجوي لأول مرة
-
انتقال أسرار تكنولوجية حساسة إلى الصين عبر التعاون السعودي–الصيني
لماذا تضغط أمريكا على السعودية؟
1- الحصول على أموال واستثمارات ضخمة
خصوصًا في البنية التحتية والعقارات ومشاريع الشراكة.
2- دفع السعودية نحو التطبيع مع إسرائيل
وهو أكبر مشروع استراتيجي تسعى إليه واشنطن.
3- ضمان توازن إقليمي يخدم مصالح أمريكا فقط
وليس مصلحة السعودية أو الدول العربية.
4- استغلال القلق الإسرائيلي من التسلح السعودي
كوسيلة للضغط المشترك على الرياض.
علاقات معقدة بين المال والسياسة والسلاح
تعيش العلاقات السعودية–الأمريكية مرحلة غير مسبوقة من التعقيد، حيث تختلط:
-
السياسة
-
المال
-
النفوذ
-
صفقات السلاح
-
مشاريع ترامب العقارية
في مشهد يعكس بوضوح أن واشنطن تسعى لاستعادة نفوذها في المنطقة عبر أموال السعودية من ناحية، وعبر التطبيع مع إسرائيل من ناحية أخرى.
لكن الرياض اليوم ليست السعودية القديمة، فهي:
-
قوة اقتصادية مستقلة
-
لاعب سياسي مؤثر
-
شريك استراتيجي للصين
-
وصاحبة قرار سيادي غير قابل للضغط
وهذا ما يجعل زيارة ولي العهد إلى واشنطن حدثًا مفصليًا، قد يعيد تشكيل العلاقة بين البلدين بطريقة تختلف تمامًا عن الماضي.




