هجوم إسرائيلي جديد يكشف النمط المتكرر: لماذا تحرص تل أبيب دائمًا على إقحام مصر في كل حدث؟
سلوك سياسي مقصود: إسرائيل تبحث عن "جملة مفيدة" تضم مصر اليها
تتكرر في كل أزمة، وكل تصريح، وكل توتّر إقليمي، محاولة الجانب الإسرائيلي جرّ اسم مصر إلى المشهد حتى وإن لم يكن لها علاقة مباشرة بالحدث.
ويظهر هذا النمط بصورة أوضح في الهجوم الأخير الذي شنّه المستشرق الإسرائيلي المعروف إيدي كوهين ضد المملكة العربية السعودية، حين شبّه الموقف السعودي بموقف مصر قائلًا إن الرياض "تحاول ابتزاز إسرائيل والأمريكان مثل المصريين".
هذا الربط ليس عابرًا، بل يعكس عقيدة إسرائيلية قديمة تهدف إلى:
-
تشويه المواقف العربية القوية المستقلة.
-
استخدام اسم مصر كأداة ضغط سياسية وإعلامية.
-
الإيحاء بأن المنطقة كلها تمارس "ابتزازًا" لإسرائيل.
-
تقديم تل أبيب كطرف "محاصر" من جيرانها العرب رغم تحولات التطبيع.
فلماذا تصر إسرائيل على وضع مصر في جملة مفيدة بعد كل تصريح؟ وما دلالة ذلك سياسيًا وإعلاميًا؟
رسالة كوهين للسعودية: هجوم علني يكشف توترًا متصاعدًا

انتقادات مباشرة لشروط الرياض
الهجوم الإسرائيلي جاء في سياق النقاشات حول شروط السعودية للتطبيع، والتي تضم:
-
الاعتراف بدولة فلسطينية
-
الحصول على مقاتلات F-35
-
ضمانات أمنية
-
برنامج نووي سلمي
صحيفة معاريف نقلت الغضب الإسرائيلي من هذه الشروط، ووصفتها بأنها:
"محاولة ابتزاز لا تتماشى مع تاريخ العلاقات".
ثم ظهر كوهين في بث مباشر، موجّهًا كلامه للحكومة السعودية بنبرة هجومية حادة:
"إذا كنتم تريدون سلامًا دون شروط، فأهلا بكم… أما شروطكم فاحتفظوا بها لأنفسكم وضعوها في الخليج!"
مصر في قلب التصريحات رغم عدم علاقتها بالحدث
لماذا ربط كوهين السعودية بمصر؟
خلال هجومه، قال كوهين:
"أنتم تحاولون ابتزاز الأمريكيين كما يفعل المصريون، وتحاولون ابتزازنا أيضًا."
هذا التصريح يكشف أن الربط مقصود وليس مجرّد مقارنة.
إسرائيل تريد دائمًا أن تُقحم مصر في أي ملف عربي يتعلق بها، لعدة أسباب:

السبب الأول: مصر هي "الرقم الأكبر" في المعادلة الإقليمية
تل أبيب تدرك أن القاهرة تمتلك:
-
ثقلًا سياسيًا
-
موقفًا مستقلًا
-
تأثيرًا مباشرًا على الملفات الفلسطينية
-
قدرة على تعطيل أو تمرير الكثير من التحولات الإقليمية
ولذلك، حين تريد إسرائيل تشويه طرف عربي آخر، فإنها تقارنه بمصر لتضخيم الرسالة.
السبب الثاني: محاولة خلق "كتلة عربية ضاغطة" على إسرائيل
إسرائيل تحاول إقناع الأمريكيين بأن العرب — من مصر إلى السعودية — يقومون بممارسة ضغوط غير واقعية على تل أبيب، لتظهر إسرائيل وكأنها الطرف "المظلوم" في أي مفاوضات.
السبب الثالث: استغلال ملف المساعدات العسكرية الأمريكية لمهاجمة القاهرة
تل أبيب تستغل أي مناسبة لإعادة فتح ملف:
-
المعونة الأمريكية
-
التسليح
-
العلاقات المصرية–الأمريكية
وذلك بهدف الضغط على واشنطن لإعادة توازن النفوذ لصالحها.
السبب الرابع: خوف إسرائيلي من المحور المصري–السعودي
هذا المحور — رغم اختلافاته — يمثل القوة العربية الأكبر القادرة على:
-
التأثير في المنطقة
-
تحجيم الدور الإسرائيلي
-
فرض قواعد جديدة للعبة السياسية
إسرائيل لا تريد لهذا المحور أن يفرض شروطًا مشتركة أو موقفًا موحدًا.
ما الذي تخشاه إسرائيل من مصر تحديدًا؟
إسرائيل — رغم خطابها الإعلامي — تدرك جيدًا أن القاهرة هي الدولة العربية الوحيدة التي يمكنها تعطيل مشاريع تل أبيب الاستراتيجية، مثل:
-
مسار التطبيع الجماعي العربي
-
مشاريع الغاز والطاقة في شرق المتوسط
-
الوجود الأمني والحدودي في سيناء وغزة
-
إعادة تشكيل موازين القوى بعد حرب غزة
-
مشاريع الممرات التجارية في البحر الأحمر
لذلك تسعى تل أبيب دائمًا إلى:
-
إضعاف الثقة العربية في مصر
-
إظهار القاهرة وكأنها "طرف يبتز"
-
تأليب العواصم العربية عليها
-
تقليل دورها في ملفات التفاوض الأمريكي–العربي
وكل ذلك بهدف تمرير التطبيع السعودي أو غيره دون شروط سياسية.
التصريحات الإسرائيلية تكشف ضيقًا واضحًا من "الشروط العربية"
إسرائيل تحاول أن توصل رسالة واضحة:
"نحن أقوى من أن نُبتز… التطبيع يجب أن يكون بلا ثمن."
لكن الواقع السياسي يقول العكس:
-
السعودية تربط التطبيع بدولة فلسطينية.
-
الإمارات تدرس إعادة تقييم دعمها لإسرائيل بعد حرب غزة.
-
الأردن في خلاف حاد مع حكومة نتنياهو.
-
مصر ترفض أي وجود عسكري إسرائيلي على حدودها وتتصدى لمخطط التهجير.
هذا الوضع يجعل إسرائيل تشعر بأن العرب في أقوى مواقفهم التفاوضية منذ 20 عامًا.
إقحام مصر ليس صدفة بل استراتيجية إسرائيلية ثابتة
إسرائيل تريد:
-
إضعاف القاهرة سياسيًا وإعلاميًا
-
تحجيم الدور السعودي
-
إفشال مقاربة "تطبيع مشروط"
-
الظهور بمظهر الطرف "المستهدف" عربيًا
ومن هنا يصبح واضحًا أن ذكر مصر في كل ملف — حتى لو كان بين إسرائيل والسعودية — هو سلوك سياسي مقصود يحمل رسائل متعددة، أبرزها:
-
التشكيك في المواقف العربية
-
صناعة انقسام عربي–عربي
-
استخدام مصر كورقة ضغط على السعودية والإمارات والأردن
-
تعزيز الرواية الإسرائيلية بأن العرب يمارسون "الابتزاز"
هذا السلوك سيستمر طالما أن المنطقة تشهد صراعًا على النفوذ، وطالما بقيت مصر حجر الأساس في أي معادلة سياسية كبرى في الشرق الأوسط.
















