إثيوبيا تواصل سياساتها المائية المقلقة ببناء سد “كويشا”.. وتضع القرن الأفريقي في توتر دائم
واصل النظام الحاكم في دولة إثيوبيا سياساته المائية المثيرة للجدل والتي يصفها خبراء بأنها “تحرش مائي بدول الجوار”، بعد أن كشفت تقارير حديثة عن شروعها في بناء سد جديد يُعرف باسم “سد كويشا” على نهر أومو، ليكون ثاني أكبر سد في البلاد بعد سد النهضة.
هذه الخطوة تأتي بعد أسابيع قليلة من افتتاح سد النهضة رسميًا في سبتمبر 2024، ما زاد من القلق الإقليمي وطرح تساؤلات حول نوايا أديس أبابا تجاه استقرار منطقة شرق إفريقيا بأكملها.
سد كويشا.. مشروع ضخم بعد سد النهضة
وفقًا لتقارير فنية، فإن نسبة إنجاز سد كويشا وصلت إلى 70%، ويُتوقع أن يصبح عند اكتماله من أكبر السدود في القارة الإفريقية بارتفاع يبلغ 128 مترًا.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن السد بدأ كمخيم بسيط وتحول إلى مشروع وطني ضخم يُسهم في توليد الكهرباء وتعزيز الاقتصاد المحلي، مؤكدًا أنه "رمز جديد لتقدم إثيوبيا".

خبراء: إثيوبيا تثير التوتر مع جيرانها
يرى عدد من خبراء المياه أن إثيوبيا تواصل خلق أزمات مع محيطها الإقليمي، حيث علّق الدكتور محمد نصر علام، وزير الري المصري الأسبق، قائلًا إن نهر أومو الذي يُقام عليه السد الجديد ينبع من الأراضي الإثيوبية ويصب في بحيرة توركانا الكينية، ولا يتصل بنهر النيل.
وأضاف عبر منشور له:
"إثيوبيا تفتعل الأزمات حتى مع كينيا، التي شارك رئيسها في افتتاح سد النهضة، رغم أن السد الجديد لا يخصها مباشرة، لكنها ستتضرر من تأثيره على بحيرة توركانا."
3 أنهار فقط تربط إثيوبيا بمصر والسودان
من جانبه، أوضح الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا تمتلك 9 أحواض نهرية، إلا أن 3 منها فقط تنتمي لحوض النيل وتؤثر مباشرة على مصر والسودان، وهي:
-
نهر النيل الأزرق
-
التدفقات السنوية: نحو 49 مليار متر مكعب.
-
يُقام عليه سد النهضة بسعة تخزينية تبلغ 74.5 مليار متر مكعب.
-
-
نهر عطبرة
-
التدفقات السنوية: 12 مليار متر مكعب.
-
يُقام على أحد روافده سد تاكيزي بسعة تخزين 9 مليارات متر مكعب.
-
-
نهر السوباط
-
التدفقات السنوية: 11 مليار متر مكعب.
-
تخطط إثيوبيا لإنشاء سدّين جديدين على رافديه في المستقبل.
-
أما باقي الأنهار الإثيوبية، مثل نهر أومو، فهي أنهار مستقلة لا تصب في النيل، وتتوزع بين روافد مشتركة مع الصومال وجيبوتي وكينيا، وأخرى داخلية مغلقة لا تخرج من الأراضي الإثيوبية.
تأثير محدود على مصر.. لكن القلق قائم
ورغم أن سد كويشا لا يؤثر على حصة مصر المائية بشكل مباشر، فإن توسع إثيوبيا في بناء السدود دون تنسيق مع دول الجوار يخلق حالة من التوجس وعدم الثقة.
ويؤكد الخبراء أن الخطر الحقيقي يظل سد النهضة وما قد يتبعه من مشروعات مستقبلية على الأنهار الثلاثة المتصلة بحوض النيل، وليس السدود المعزولة مثل كويشا.
تصعيد إقليمي محتمل
يرى مراقبون أن السياسة الإثيوبية الجديدة تسير في اتجاه الهيمنة المائية الإقليمية، من خلال بناء سدود متتالية على مختلف الأحواض النهرية، ما يهدد بزيادة التوتر في منطقة القرن الإفريقي، خصوصًا مع تصاعد النزاعات الحدودية بين إثيوبيا وجيرانها مثل الصومال وكينيا والسودان.
ويُختتم المشهد بتأكيد محللين أن إفريقيا قد تدخل مرحلة جديدة من "الحروب الصامتة" حول المياه إذا استمرت أديس أبابا في فرض واقع مائي جديد دون اتفاقات ملزمة أو تشاور مع دول الإقليم.

















