السيسي يحذر: مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول لإثيوبيا في سد النهضة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر لن تتهاون في حماية أمنها المائي ومصالحها الاستراتيجية، مشدداً على أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا في إدارة وتشغيل سد النهضة"، وذلك خلال كلمته في افتتاح فعاليات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه" اليوم الأحد.
وقال الرئيس السيسي في كلمته إن قضية المياه بالنسبة لمصر قضية وجودية لا تحتمل المساومة، إذ تعتمد البلاد بنسبة تفوق 98% على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه العذبة، مضيفًا:
"إن مصر ستتخذ كل التدابير اللازمة لحماية مصالحها وأمنها المائي، ولن تسمح بالمساس بحقوقها التاريخية في مياه النيل".
المياه قضية وجود… لا سياسة
أوضح الرئيس المصري أن مصر تواجه تحديات مائية جسيمة، حيث تصنف ضمن الدول الأكثر ندرة في المياه عالميًا، إذ لا يتجاوز معدل الأمطار السنوي 1.3 مليار متر مكعب فقط، بينما يبلغ نصيب الفرد من المياه 500 متر مكعب سنويًا، أي نصف خط الفقر المائي العالمي.
وأكد أن ملف المياه يحتل أولوية قصوى في أجندة الدولة المصرية، في ظل النمو السكاني المتسارع وتهديدات التغير المناخي التي تؤثر على دلتا النيل والسواحل الشمالية.
وأشار إلى أن مصر تبذل جهودًا ضخمة في تحلية مياه البحر ومعالجة المياه وإطلاق مشروعات قومية كبرى لضمان استدامة الموارد المائية.
"الأنهار للتكامل لا للانقسام"
وفي كلمته، شدد الرئيس السيسي على أن الأنهار الدولية لم تُخلق لتكون خطوطًا تفصل بين الأوطان، بل شرايين حياة تربط الشعوب، مؤكدًا أن الأمن المائي ليس ترفًا بل حق أصيل، وأن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا من خلال شراكة عادلة قائمة على مبادئ القانون الدولي، بما يضمن المنفعة المتبادلة وعدم الإضرار.
وأضاف قائلًا:
"ترفض مصر وبكل وضوح أي إجراءات أحادية على نهر النيل تتجاهل الاتفاقات الدولية وتضر بمصالح شعوب الحوض. التنمية ليست امتيازًا لدولة بعينها، بل مسؤولية جماعية لكافة دول النهر".
مفاوضات 14 عامًا و"تعنت إثيوبي"
كشف الرئيس المصري أن بلاده سعت على مدار 14 عامًا إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، من خلال مسار تفاوضي اتسم بـ"الحكمة والرصانة".
وأوضح أن مصر قدّمت عدة بدائل فنية عادلة تحقق مصلحة الجميع، إلا أن الجانب الإثيوبي قابل تلك الجهود بتعنت ورفض غير مبرر، مشيرًا إلى أن هذا الموقف "يعكس غياب الإرادة السياسية لدى أديس أبابا وسعيها لفرض الأمر الواقع".
وقال السيسي إن ما حدث مؤخرًا من تصريف عشوائي وغير منسق لمياه السد تسبب بأضرار لدولتي المصب (مصر والسودان)، مؤكدًا أن ذلك "يثبت صحة الموقف المصري بضرورة وجود اتفاق قانوني ملزم ينظم تشغيل السد".
دعوة للمجتمع الدولي
ودعا الرئيس المصري المجتمع الدولي والقارة الأفريقية إلى تحمل مسؤولياتهما في مواجهة التصرفات الإثيوبية "المتهورة"، مشيرًا إلى أن تنظيم تصريف المياه من السد في حالات الجفاف والفيضان ضرورة حتمية لضمان الاستقرار المائي في المنطقة.
وأكد السيسي أن لجوء مصر إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية "لم يكن ضعفًا، بل تعبيرًا عن قوة الموقف المصري ورغبته في الحلول الدبلوماسية العادلة"، لكنه شدد بلهجة حاسمة:
"مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول لإثيوبيا، وستتخذ كل ما يلزم لحماية أمنها المائي".
إثيوبيا ترد: لا نية للإضرار بدول المصب
في المقابل، جدد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تأكيده في تصريحات سابقة أن بلاده ملتزمة بعدم الإضرار بحصص المياه الخاصة بدول المصب، مشيرًا إلى أن عملية تعبئة السد لم تعطل تدفق المياه "ولو ليوم واحد".
وقال آبي أحمد إن الهدف من مشروع السد هو تلبية احتياجات التنمية وتوليد الكهرباء لشعبه دون المساس بحقوق الدول الأخرى، مؤكدًا أن إثيوبيا تسعى لتعزيز التعاون مع مصر والسودان ضمن مبدأ “المنفعة المشتركة”.
خلفية الأزمة
تعود أزمة سد النهضة إلى عام 2011 حين أعلنت إثيوبيا بدء بناء السد على النيل الأزرق، وهو ما أثار مخاوف مصر والسودان بشأن تأثيره على حصص المياه التاريخية.
ورغم الجولات المتعددة من المفاوضات، لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق قانوني شامل وملزم ينظم عمليات الملء والتشغيل ويضمن حقوق دول المصب.