فيضانات السودان.. ”الإنذار الأحمر” بين تهديد سد النهضة ومخاوف القرى والمزارع

يشهد السودان واحدة من أكثر اللحظات الحرجة في تاريخه الحديث مع ارتفاع غير مسبوق في مناسيب نهر النيل، ما دفع وزارة الري والموارد المائية لإطلاق "الإنذار الأحمر" على امتداد الشريط النيلي، وسط مخاوف حقيقية من فيضانات قد تجرف القرى وتدمر المزارع وتضاعف من معاناة المواطنين.
تحركات الأهالي في مواجهة الفيضان
في الخرطوم ومدن النيل الأبيض وسنار، يسابق المواطنون الزمن لنقل مواشيهم ومحاصيلهم إلى أماكن مرتفعة، في محاولة لتفادي الكارثة. ومع استمرار تدفق المياه، تتزايد المخاوف من ضغوط هائلة على السدود والطرق والبنية التحتية.
البيانات الرسمية تشير إلى أن الإيراد اليومي للنيل الأزرق تجاوز 730 مليون متر مكعب، بزيادة تصل إلى 300 مليون متر مكعب عن المعدلات الطبيعية، ما ينذر بفيضانات مدمرة.
تحذيرات حول سد النهضة
وزير الري السوداني الأسبق عثمان التوم أكد أن إثيوبيا رفعت منسوب بحيرة سد النهضة فوق الحد المعتاد لأغراض "احتفالية"، وهو ما فاقم تدفق المياه نحو السودان في وقت بالغ الخطورة. التوم حذر من استمرار التصريف الحالي، داعيًا إلى تنسيق عاجل مع أديس أبابا لإعادة مستويات المياه إلى الحدود الطبيعية لتخفيف الضغط على السدود السودانية.
الولايات الأكثر تضررًا
أعلنت الإدارة العامة لمياه النيل أن ولايات الخرطوم، سنار، النيل الأبيض، ونهر النيل ستكون الأكثر تأثرًا بالموجة الحالية. ولفتت إلى استمرار ارتفاع المناسيب من الخرطوم حتى جبل أولياء، مما يعيد للأذهان فيضانات 2020 التي خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة.
الموقف المصري وتحذيرات جديدة
وزير الري المصري هاني سويلم شدد على أن ما يحدث في السودان دليل صارخ على المخاطر المرتبطة بسد النهضة، مؤكداً أن مصر لن تسمح بأي أعمال أحادية تهدد حقوقها المائية. كما أوضح أن مصر تملك "سيناريوهات جاهزة" للتعامل مع أي أزمة محتملة.
ويرى خبراء مصريون أن فتح بوابات سد النهضة بشكل واسع نتيجة تعثر تشغيل التوربينات أدى إلى تصريف كميات هائلة من المياه تجاوزت 700 مليون متر مكعب يوميًا.
دور السد العالي في امتصاص الأزمة
أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أشار إلى أن السد العالي يلعب دورًا محوريًا في حماية مصر من مخاطر هذه التصريفات، إذ يستوعب كميات الفيضان بكفاءة عالية، بينما يظل العبء الأكبر على السودان الذي يفتقر إلى منظومة حماية متكاملة.
صور الذعر على مواقع التواصل الاجتماعي
انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو أظهرت قرى غمرتها المياه ومنازل مدمرة. ورغم أن بعض هذه المشاهد تعود لمواسم سابقة، فإنها تسببت في حالة ذعر واسعة، خصوصًا مع استمرار الأمطار على الهضبة الإثيوبية التي تنذر بمزيد من الارتفاع في المناسيب.
حجم التهديدات الناجمة عن غياب التنسيق بين دول حوض النيل
أزمة فيضانات السودان تكشف بوضوح حجم التهديدات الناجمة عن غياب التنسيق بين دول حوض النيل، خصوصًا في ظل تعنت إثيوبيا في ملف سد النهضة. وبينما تبقى مصر محمية إلى حد كبير بفضل السد العالي، يواجه السودان مصيرًا مجهولًا قد يتحول إلى كارثة إنسانية ما لم تُتخذ خطوات عاجلة للتعاون الإقليمي والحد من المخاطر.