”تمساح الشرقية”.. من فيلم رعب على السوشيال ميديا إلى ”تمساح ألعاب” بحجم كف اليد
على مدار أيام، تحوّل ما عُرف إعلاميًا بـ "تمساح الشرقية" إلى حديث الشارع المصري و"تريند" منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن انتشرت شائعات وصور وفيديوهات تتحدث عن ظهور تمساح خطير يهدد الأهالي، لتتحرك الأجهزة التنفيذية والأمنية وفرق الإنقاذ وكأننا أمام فيلم أكشن كامل الأركان.. قبل أن تنتهي القصة نهاية صادمة للبعض، ومضحكة للكثيرين: تمساح صغير لا يتجاوز حجمه ما يلعب به الأطفال في بعض قرى الصعيد!
قصة "تمساح الشرقية" تكشف كيف يمكن لخبر غير مكتمل أو صورة غامضة أن تشعل الرأي العام، وتدفع المسؤولين والمواطنين إلى حالة استنفار كاملة، قبل أن يتضح أن الواقع أبسط بكثير مما رُوِّج له.
بداية الحكاية.. بلاغ عن تمساح يثير الرعب في الشرقية
بدأت فصول القصة ببلاغات من بعض المواطنين عن ظهور تمساح في إحدى المناطق بمحافظة الشرقية، لتبدأ معها حالة من القلق بين الأهالي، خاصة مع تداول الحديث عن إمكانية وجود أكثر من تمساح أو هروب تماسيح من مزرعة أو منزل خاص.
ومع كل ساعة تمر، كانت وسائل التواصل الاجتماعي تشتعل:
-
صور مزعومة لتمساح يطفو على سطح المياه
-
تعليقات تحذر من النزول إلى الترع والمصارف
-
منشورات تطالب بتحرك سريع من المسؤولين
وبدأت عبارات من نوعية: "الحقوا تمساح في الشرقية"، "تمساح بيهدد الأهالي" تتصدر صفحات الفيسبوك والجروبات المحلية.
فرق بحث، مجموعات تمشيط، وكاميرات في كل مكان

استجابة لحالة الجدل الواسعة، تشكلت فرق وجماعات للبحث عن التمساح في محيط المنطقة المبلغ عنها، بمشاركة:
-
الأجهزة التنفيذية بالمحافظة
-
شرطة المسطحات المائية
-
فرق من الحماية المدنية
-
وبعض المتطوعين من الأهالي
وظهرت الصور:
-
مسؤولون يقفون على الترع والمصارف
-
أفراد يحملون عصيًّا وشباكًا ومعدات صيد
-
تغطيات مصورة ومحاولات لرصد التمساح من على الكبارى والممرات
المشهد بدا وكأننا أمام عملية صيد تمساح من نهر الأمازون، وليس مجرد حالة اشتباه في قرية مصرية.
صيد التمساح.. لكن الصدمة في الحجم!
بعد هذه الأجواء المشحونة، أعلن عن ضبط التمساح أخيرًا، لتنتهي حالة المطاردة.. لكن بداية السخرية كانت من هنا.
فعند عرض التمساح، تبين أنه:
-
تمساح صغير جدًا
-
لا يمثل أي تهديد حقيقي للأهالي
-
أقرب في الحجم لما يلعب به الأطفال في بعض قرى الصعيد، حيث تُربى أحيانًا تماسيح صغيرة كنوع من "الهيبة" أو كحيوان غريب ومختلف
والمشهد الأكثر رمزية أن التمساح — الذي حُشدت له فرق واهتمت به مواقع وصفحات — انتهى به الحال معروضًا فوق مكتب، كغنيمة صغيرة بعد ضجة كبيرة.
من "تهديد للأمن" إلى "مادة للسخرية" على مواقع التواصل
ما إن ظهرت الصور الحقيقية لحجم التمساح، حتى انقلبت السوشيال ميديا من:
-
حالة تحذير وخوف
إلى: -
موجة واسعة من الكوميكس والسخرية
انتشرت عبارات من نوع:
-
"فيلم تمساح الشرقية خلص على تمساح قد الكف"
-
"هو ده اللي قلب الدنيا؟"
-
"تمساح صغير بيلعبوا بيه العيال في الصعيد"
وبدأ كثيرون يتحدثون عن مبالغة في تداول الأخبار بدون تدقيق، وعن كيف يمكن لصورة غير واضحة أن تتحول إلى "فيلم مرعب" في خيال الناس.
رسائل من الحكاية.. التهويل أخطر من الحقيقة أحيانًا
قصة "تمساح الشرقية" ليست مجرد واقعة غريبة، بل تحمل عدة دلالات مهمة:
1. قوة السوشيال ميديا في تضخيم الأحداث
في ساعات قليلة:
-
انتقل الحديث من "تمساح شوهد"
إلى "تمساح يهدد الأهالي"
ثم إلى "كارثة محتملة"
رغم أن الواقع كان مختلفًا تمامًا.
2. أهمية التحقق من المعلومات
غياب الصورة الحقيقية في البداية سمح لخيال البعض أن يذهب بعيدًا، وللبعض الآخر أن يختلق روايات، وهو ما يؤكد أهمية:
-
انتظار البيانات الرسمية
-
التحقق من المصادر
-
عدم نشر الذعر بين الناس دون دليل قوي
3. المسؤولية المشتركة بين الإعلام والجمهور
المواقع والصفحات التي تناقلت الخبر دون توضيح أو تدقيق، ساهمت في خلق حالة من الهلع المؤقت، في حين أن عرض التمساح الحقيقي منذ اللحظة الأولى كان كفيلًا بإنهاء "الفيلم" مبكرًا.
تمساح لعبة.. ونهاية كوميدية لفيلم "أكشن"
في النهاية، ما توقعه البعض تمساحًا ضخمًا يسبح في الترع ويهدد أرواح الأهالي، انتهى إلى:
-
تمساح صغير الحجم
-
لا يتناسب مع الضجة التي أثيرت
-
ولا مع حجم التحركات التي بدأت على المستوى الشعبي والإعلامي
لتكون الخلاصة أن:
فيلم "تمساح الشرقية" بدأ كرعب.. وانتهى ككوميديا سوداء عن مبالغة السوشيال ميديا.
-




