صفقة غاز عربية جديدة لمصر.. قراءة سياسية في مشهد إقليمي مضطرب ومحاولات الضغط على القاهرة عبر بوابة الطاقة
تتحرك القاهرة اليوم في واحد من أكثر الملفات حساسية على الإطلاق: ملف الغاز الطبيعي، الذي تحوّل من مصدر اقتصادي إلى ورقة ضغط سياسي إقليمية تُستخدم لمحاولة التأثير على القرار المصري.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مصري مسؤول أن الحكومة أبرمت صفقة ضخمة لاستيراد الغاز من دولة عربية—في خطوة تُقرأ سياسيًا باعتبارها محاولة لتفكيك الضغوط الإسرائيلية التي تُمارس على القاهرة عبر تعطيل صفقة الغاز المبرمة سابقًا بقيمة 35 مليار دولار.
التحرك المصري يأتي كرسالة واضحة: القاهرة لن تكون رهينة لطرف واحد، ولن تقبل استخدام الغاز كورقة ابتزاز سياسي في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.
خلفية الصفقة.. مصر تتحرك لتأمين احتياجاتها بعيدًا عن الضغوط
أوضح المسؤول المصري أن الإعلان الرسمي عن الصفقة سيكون خلال الأسبوع المقبل، وأن الاستيراد يندرج ضمن استراتيجية تنويع مصادر الطاقة التي تتبناها الدولة، تجنبًا لأي سيناريو يضع القاهرة تحت ضغط سياسي أو اقتصادي من دولة بعينها.
وأكد أن الصفقة تأتي في إطار رؤية أوسع تهدف إلى:
-
تأمين الإمدادات في فترات الذروة
-
دعم توليد الكهرباء
-
الحفاظ على استقرار السوق المحلي
-
حماية القرار المصري من الضغط الخارجي المرتبط بالطاقة
قطر على خط الإمدادات.. البديل الاستراتيجي المحتمل

تشير تقارير عدة إلى أن مصر أبرمت صفقة لاستيراد الغاز من قطر، وإن لم تُعلن تفاصيلها حتى الآن.
وتكتسب هذه الخطوة بعدًا سياسيًا مهمًا، نظراً لكون قطر واحدة من أكبر مُصدري الغاز المسال في العالم، وهو ما يمنح القاهرة قدرة أكبر على المناورة أمام أي ضغوط تأتي من مصادر أخرى.
الزيارة المصرية إلى الدوحة.. مؤشرات مبكرة
كان وزير البترول المصري كريم بدوي قد زار الدوحة في مايو الماضي، وبحث:
-
تسريع تنفيذ مشاريع الغاز المشتركة
-
توقيع عقود طويلة الأجل للتوريد
-
تعزيز التعاون الاستكشافي
-
زيادة إنتاج مناطق الامتياز التابعة لقطر للطاقة في مصر
هذه الخطوات شكّلت الأساس الذي مهد للصفقة المتوقعة.
الضغوط الإسرائيلية.. الغاز يتحوّل إلى ورقة سياسية
صفقة “لوثيان” البالغة 35 مليار دولار تحت التجميد
تقارير إسرائيلية كشفت مؤخرًا أن تل أبيب تعلق اعتماد الصفقة المبرمة لبيع الغاز لمصر، التي تصل قيمتها إلى نحو 35 مليار دولار، في محاولة للضغط على القاهرة بسبب موقفها الواضح من الحرب على غزة.
ووفق القناة 12 العبرية:
-
الصفقة مهددة بالانهيار
-
التأخير يُستخدم كورقة ضغط سياسية
-
مصر قد تتحول لمصادر بديلة (قطر تحديدًا)
الغاز.. من اقتصاد إلى ابتزاز سياسي

تحوّل الغاز في شرق المتوسط إلى أداة لإعادة رسم موازين القوى، وخصوصًا مع التوتر السياسي بين مصر وإسرائيل خلال الحرب على غزة.
تعليق التوريدات يعكس محاولة لخلق أزمة طاقة داخل مصر بهدف الضغط السياسي، إلا أن التحركات المصرية الأخيرة تُظهر إدراكًا كاملاً لهذه اللعبة.
قراءة سياسية.. لماذا تتحرك مصر الآن؟
التحرك المصري يعكس مجموعة من الرسائل السياسية:
-
مصر لن تسمح بتسييس الطاقة أو استخدامها للضغط عليها.
-
تنويع مصادر الغاز يمنح القاهرة هامش قرار مستقلًا عن أي طرف.
-
إدخال دولة عربية كقطر في معادلة الإمدادات يخلق توازنًا إقليميًا جديدًا.
-
الصفقات الجديدة تُضعف قدرة أي طرف على احتكار سوق التوريد.
كما أن عودة مصر إلى الأسواق العالمية لاستيراد الغاز قد تساهم في تعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة، وهو مشروع استراتيجي تعمل عليه القاهرة منذ سنوات.
القاهرة تُدير ملف الطاقة بمرونة سياسية عالية، مستفيدة من تعدد خياراتها الإقليمية
تُظهر الصفقة الجديدة أن القاهرة تُدير ملف الطاقة بمرونة سياسية عالية، مستفيدة من تعدد خياراتها الإقليمية، ومتجنبة الوقوع تحت أي ضغوط خارجية في زمن تشهد فيه المنطقة صراعات مكثفة واستغلالًا واضحًا لورقة الغاز.
وفي وقت تتزايد فيه التوترات السياسية، تؤكد مصر مرة أخرى أن قرارها السيادي غير قابل للمساومة، وأن اقتصادها لن يكون أداة ضغط في يد أحد.









