سعيد محمد احمد يكتب :الجولانى .. من (سلالم) موسكو (للباب الخلفي) فى واشنطن
سوريا أمام لحظة الحقيقة.. هل يمكن للسوريين استعادة الأرضية المشتركة قبل الانهيار الكامل؟
سؤال مؤلم طرح من قبل احد القيادات السياسية الدولية والإعلامية السورية حول ٠٠٠ كيف يستعيد السوريين الأرضية المشتركة للحفاظ على وحدة بلادهم وعدم دفعها نحو كارثة قد تكون كارثة كبرى لا رجعة فيها لفترة طويلة ؟؟؟!!!!.
لم يكن تعاون ابو محمد الجولاني مع التحالف الدولى والمخابرات الغربية والتركية وإسرائيل منذ عام 2024 خافيا على أحد بل كان معلنا من قبل الرئيس ترامب والاحتفال بذلك الانضمام خلال زيارة الجولانى الى"السعودية" الداعمه له ومن ثم توجه الجولاني الى موسكو لإعادة ترتيب وضعه قبيل زيارتة الاخيره إلى واشنطن.
الجولاني.. من السراديب إلى قصور السياسة الدولية
وتبقى (أطروحة) ابو محمد الجولاني(الشرع الجديد) حول صعوده الدرج الطويل فى موسكو بقوله :"عندكم درج طويل..جيد أننا نلعب شوية رياضة حتى نستطيع أن نأتي إلى هنا دون أن نتعب"' لتحمل تلك الاطروحة الكثير من أوجه المذاح والمناوره مع الرئيس بوتين خلال مباحثاته فى موسكو قبل شهر لتؤكد استعداد الجولانى لتنفيذ كل طلبات موسكو على امتداد نفوذها فى الساحل السورى.
تنازلات الجولانى للدب الروسي تؤكد مدى قصر النظر والنفس معا لدى (الشرع الجديد)' الذى اعتاد وجماعتة واهله وأصدقائه الحياة المخملية على مدى العشرة أشهر الماضية من النعيم المقيم والبذج' وبعيدا عن حياة الملاحقة فى الانفاق والكهوف والهروب بشكل دائم بما يؤكد فقدان القدرة على التفاوض مع بوتين بعد أن أدرك حقيقة رؤية موسكو أنه لا يمثل سوريا' ووجوده مرحليا ليلبى طواعية مطالب موسكو، بتنشيط قواعدها العسكرية فى طرطوس وحميم ومعظم مدن الساحل وتوفير الحماية للعلويين.
زيارة واشنطن.. دخول من الباب الخلفي
فيما جاء لقاء الجولانى الاخير مع الرئيس الامريكى ترامب ليتكرر المشهد'ولكن على النقيض تماما فمع دخول الجولانى موسكو عبر بوابة الكرملين الرئيسية'شهد العالم وعلى الهواء مباشرة ابو محمد الجولاني (الشرع الجديد) يدخل البيت الابيض خلسه وفى سرية تامه' وكانها عمليه تهريب شاركت فيها كبريات أجهزة المخابرات لادخاله من(الباب الخلفي) دون ضجيج اعلامى وتجاهل لكل المراسم سوى إستقباله من قبل احد موظفي العلاقات العامة وإيصاله حتى مكتب ترامب.
الجميع جلسوا امام ترامب كتلاميذ (بلداء) انتظارا لتوقيع العقاب لفشلهم على مدى قرابة عام فى إدارة السلطة الانتقالية فى"سوريا" التى تفككت على أيدى عصابة الجولانى وهيئة تحرير الشام بتفجير وايقاظ وحش الفتنة لتفتيت مكونات المجتمع السورى الذى يضم ثماني عشرة طائفة بالإضافة لطائفة جديده تستحوذ اليوم على مساحة من الانتشار وهى (طائفة العشائر) دون الدخول في التقسيم الإثني.
انفجار الفتنة داخل المجتمع السوري
فيما يرى المراقبون إن هناك الكثيرون ممن يتباكون على سوريا الوطن وكم تغنوا بها زمناً طويلا من التعايش وتربوا على حبها بأنها الأم الواحدة الموحدة الحاضنة لكل تلك الفسيفساء التى ادهشت كل من زارها' لكن من يراها اليوم مبكية ومضحكة وهى تتدحرج امام اعينهم مثل كرة ثلج من قمة جبل إلى واد سحيق والحسرة تعتصر قلوبهم فى ظل بلاده العقل وغياب الحكمة وضيق الافق عوضا عن البحث عن خيوط للتوحد بين السوريين لاستعادة إرادتهم ووطنهم المختطف .
المهلة الأمريكية.. 6 أشهر من الشروط المستحيلة
مع المهلة الأخيرة التى جددتها الإدارة الامريكية لابو محمد الجولانى وهيئة تحرير الشام ومدتها "سته اشهر" تضمنت جملة الشروط التى تشكل كل منها قنبلة موقوتة فى جه الجولاني وعصابتة من هيئة تحرير الشام وأهمها ملف التطبيع مع إسرائيل وترحيل الفصائل الفلسطينية المسلحة"الجهاد الإسلامي" من سوريا ومنع عودة داعش وتحمل المسؤولية عن مركز احتجاز الدواعش فى مخيم "الهول"' وترحيل المقاتلين الأجانب من الجهاديين المتطرفين السلفيين .

واعتبرت الإدارة الأمريكية ان الجولاني مسؤول مسؤوليه كاملة لتنفيذ كافه شروط الفصل السابع بان تكون هناك حكومة جديدة تشاركية دون هيئة تحرير الشام ويخضع الجميع فيها للقانون الموحد والعدالة القضائية ومحاسبة المجرمين ممن اراقوا دماء الابرياء من الأقليات فى كل مكان على ارض سوريا' وأن تضم مختلف الطوائف والمذاهب والنخب السورية فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية وإعادة بناء الدولة السورية وفق مبدأ المساواة والتعايش والعدالة' كاحد الالتزامات الواجب تنفيذها بعد وضع سوريا على بند الفصل السابع وفقا لقرار مجلس الأمن ٢٧٩٩ والقاضية باستعادة دولة وارض سوريا موحدة وعلم واحد وشعب واحد ودستور يقبله جميع السوريين دون تمييز أو إقصاء لاى طائفه.
تقاسم النفوذ فى الحكومة السورية الجديدة
يرى المعارض السورى كمال اللبوانى وبشكل ساخر ان تشكيل الحكومة السورية الجديدة سيجرى على النحو التالي "وزير الدفاع" اسرائيلى "وزير الداخلية" امريكى "أمن الدولة" بريطانى "الخارجية" تركى "العدل" فرنسا "التعليم" المانيا و"الاقتصاد" محسوم "للماسونية" "النفط" لقطر بتسهيل مشروع الغاز القطرى "المالية" للسعودية "البناء والابراج" للامارات أما "الصرف الصحي" من نصيب سوريا .
“حكومة المستقبل”.. سخرية تقاسم النفوذ الدولي
وقال بسخرية شديدة أن عملية التقسيم جرى الاتفاق عليها قبيل سقوط النظام السوري والتوافق على ان لكل دولة ان تضع وكيلاً لها لرعاية مصالحها' متوقعا أن تكون تلك الحكومة جاهزه مع حلول شهر مارس المقبل ٢٠٢٦ ' ملمحا الى ان الجولاني إذا أبدى اعتراضا' قد يؤدى إلى تدهور أمنى ليس فى صالح الجولانى' وان المتوقع قبوله بالحكومة الجديدة' ويصبح الجولانى (رئيس سابق) وبضمانات امنية.

وحول الترويج برفع العقوبات على سوريا واهمها (قانون قيصر) ' فهى مشروطة بتحقيق كل بنود الفصل السابع' وعلى إثرها رفعت الإدارة الأمريكية اسم (الجولانى ورفيق دربه الدموى انس خطاب) وزير داخليتة من قوائم الارهاب كى يسمح لهما بالدخول الى البيت الابيض' فلا يعقل أن يجرى استقبال اخطر زعيم إرهابى فى العالم ورئيس تنظيم القاعدة التابع لابن لادن والظواهرى وزعيم تنظيم جبهة النصرة وأحد أهم دواعش تنظيم الدولة الإسلامية لابو بكر البغدادي' وهما مدرجان على قوائم الارهاب بخلاف رفع والغاء ترامب مكافأة ال ١٠ مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن مقر تواجد الجولانى عقب اختياره رئيسا مؤقتا لإدارة الفترة الانتقالية.
الجولاني.. لا سلطة خارج إدلب
فيما يرى العديد من المراقبين أن بعض المؤيدين للجولانى اعتبروا زيارته إلى موسكو حققت انتصارا كبيرا فى اختراق الجدار الروسى متجاهلين إن مجرد قبوله دعوه موسكو شكلت انقلابا ضده من قبل رفاقه ممن عارضوا الزيارة وقاوموا التدخل الروسي فى سوريا بقصفهم بالطائرات فى إدلب ابان حكم الهارب بشار الأسد.
فاتباع الجولاني وحوارييه هم فى فلك يسبحون فى بحر من الاوهام معتقدين إن سوريا لم تقسم وفق ما مقوله زعيمهم وهو امر مخالف للواقع والحقيقة بان الجولانى لايملك الإرادة الدخول فى محافظات اللاذقية ودرعا والسويداء والقنيطرة بخلاف المحافظات التى تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) فى شرق الفرات .
المؤكد ايضاً أن هيئة تحرير الشام لم يتم تفكيكها وفق اكذوبة الجولانى بل هى من تحكم وتفرض كامل شروطها وتمارس سلطاتها فى مختلف المواقع التى تسيطر عليها وتدير شؤونها عبر تعيين مشايخ فى كل المناطق بوصفهم اهل الحل والربط وبذات منهجية جماعة الإخوان الارهابية بتعيين (امراء) لها فى العديد من المناطق التى تخضع لحكمها.
(دمشق لنا إلى يوم القيامة) .
وطالما أن هناك عقليات متطرفة تدير المشهد فى الداخل السورى من جهاديين وهو ما أكده ما يسمى بوزير ثقافة هيئة تحرير الشام بقوله : (دمشق لنا إلى يوم القيامة) .
ففى النهاية يرى المحلل والسياسى السورى "سمير التقى" الباحث فى معهد الشرق الأوسط أن سوريا امام لحظة مصيرية تاريخية ستحدد مستقبلها ومستقبل بقائها كدولة مستقلة كما ستحدد مصير شعبها كأمة لعقود مقبلة أ' معتبراً الاعتقاد بالاستنصار واللجوء باى قوة خارجية لحسم الاختلافات بين السوريين اعتقاد خاطىء ويشكل جريمة كبرى بحق سوريا قد تودى بمستقبل وجودها فى ظل استيلاء العصبيات التكفيرية على الخطاب الإقصائي لتصبح مهام التنظيمات والميليشات الإرهابية ضد الداخل السورى وليس لحماية البلاد على ان يقاس الولاء خلالها بمقدار التعصب والحقد الطائفى.
















