فضيحة النصب بأسم غزة
“تجّار الشِعارات”.. حسابات وهمية تستغل مأساة غزة لجمع التبرعات والنصب على المتعاطفين
في ظلّ الحرب المدمّرة على غزة وما خلّفته من مأساة إنسانية غير مسبوقة، برزت على منصّة "إكس" موجة صادمة من الحسابات الوهمية التي تتخفّى خلف صور وأسماء فلسطينيين بهدف جمع التبرعات بالنصب واستغلال تعاطف الملايين حول العالم.
هذه الظاهرة التي تتضخّم يومًا بعد يوم تكشف جانبًا مظلمًا من وسائل التواصل، حيث تحوّلت فاجعة السكان المحاصرين في غزة إلى “مادة رائجة” لتحقيق أرباح مشبوهة من خلال قصص مفبركة وشعارات عاطفية بلا أي رصيد إنساني أو أخلاقي.
ميزة جديدة تكشف الحقيقة.. مواقع الحسابات خارج غزة
أعلنت منصة "إكس" عن أداة حديثة تعرض معلومات أساسية عن كل حساب، ومن أهمها الموقع الجغرافي الذي ينشط منه المستخدم—وهي خاصية أسقطت الأقنعة عن مئات الحسابات التي تدّعي أنها من غزة بينما تُدار من دول أخرى.
صحيفة نيويورك بوست الأمريكية أكدت أن هذه الأداة كشفت شبكة واسعة من الحسابات التي تستغل النزاعات والكوارث حول العالم لجمع المال، وكان نصيب غزة الأبرز خلال الأسابيع الماضية.


وزارة الخارجية الإسرائيلية تكشف فضيحة الحسابات المزيّفة
وفي بيان رسمي، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية:
"أداة منصة إكس كشفت عددًا لا يحصى من الحسابات المزيفة التي تدّعي أنها من غزة. بعضها ينشر من باكستان، وآخر من لندن، وآخرون من دول مختلفة، بينما يتظاهرون بأنهم يعيشون تحت القصف."
وأضاف البيان تساؤلًا ساخرًا:
"جميعهم يدّعون أنهم يعانون في غزة بينما هم في الواقع مستلقون في مقاهي بعيدة."
ورغم أن الجهة المُبلِّغة — وهي الخارجية الإسرائيلية — ليست جهة حيادية، فإن المعلومات التقنية التي كشفتها منصة "إكس" تتوافق مع عمليات النصب التي رصدها مستخدمون من مختلف الدول.

حالات نصب مكشوفة.. حسابات “تتسوّل” باسم غزة
الحالة الأولى: “ياسمين محمد”.. الأم المُتخيّلة
أحد أشهر الحسابات التي أثارت التعاطف كان لامرأة تُدعى “ياسمين محمد”، تظهر في منشوراتها وهي تحمل طفلًا جائعًا وتطلب تبرعات عاجلة.
لكن الأداة الجديدة كشفت أن موقع الحساب هو: الهند!
وفور تفعيل خاصية الموقع…
اختفى الحساب وحذف جميع منشوراته هربًا من الفضيحة.
الحالة الثانية: “محمود سلمى”.. انتحال عائلة حقيقية
حساب آخر يدّعي أنه لوالد فلسطيني يخشى على ابنتيه، ويروّج لروابط تبرعات.
التحقيق كشف أن الحساب ينتحل شخصية عائلة فلسطينية حقيقية لديها صفحة تبرعات موثّقة، لكن الحساب الوهمي تابع لشخص يعيش في المملكة المتحدة.
أداة “إكس” ليست دقيقة 100%.. والضحايا الحقيقيون يدفعون الثمن
من جهة أخرى، أثار النظام الجديد جدلًا كبيرًا بعد اتهام الصحفي الفلسطيني معتصم دلول بأنه يبث أخبارًا كاذبة، بعدما ظهر موقع حسابه في “بولندا”.
ردّ دلول كان ساخرًا، حيث نشر فيديو من وسط دمار غزة يقول فيه:
"لو ده في بولندا.. يبقى العالم كله محتاج يعيد نظره في الجغرافيا!"
منصة “إكس” أوضحت لاحقًا أن الموقع الجغرافي قد يتغير تلقائيًا أو قد لا يكون دقيقًا دائمًا، مما يزيد تعقيد المشهد.
أخطر ما في الأمر: المتبرّعون الحقيقيون ضحايا للنصب
هذه الظاهرة الخطيرة لا تؤدي فقط إلى سرقة أموال المتعاطفين، بل تضرّ أيضًا:
-
العائلات الفلسطينية التي تعتمد على تبرعات حقيقية
-
المؤسسات الإغاثية المعتمدة
-
الجهود الإنسانية التي تتعرض للشك بسبب هذا التلاعب
وفي ظلّ غياب الرقابة القوية على عمليات التبرع الإلكتروني، يجد "تجّار الشعارات" مساحة واسعة للنصب باستخدام معاناة الأبرياء.
إنذار عالمي حول تحوّل الأزمات الإنسانية إلى سوق سوداء
ما كشفته أداة “إكس” ليس مجرد حادث عابر، بل إنذار عالمي حول تحوّل الأزمات الإنسانية إلى سوق سوداء، يتربّح منها من لا ضمير لهم، بينما يستمر المتضرّرون الحقيقيون في دفع الثمن وحدهم.





