الجولاني” بين السخرية والسياسة.. لقاء أحمد الشرع مع ميلوني يشعل تفاعلاً واسعًا ويكشف تحولًا أوروبيًا تجاه سوريا
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية موجة واسعة من السخرية بعد تداول صورة لممثل المعارضة السورية أحمد الشرع خلال لقائه برئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبينما ركّز رواد المنصات على تعابير وجه الشرع التي شبّهها البعض بابتسامة زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، قرأ المراقبون هذا اللقاء من زاوية مختلفة، باعتباره إشارة سياسية مهمة إلى تحولات الموقف الأوروبي تجاه سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
سخرية واسعة بسبب “ابتسامة الشرع”
انتشرت الصورة بشكل فيروسي، حيث ظهر الشرع مبتسمًا خلال حديث ودي مع ميلوني، وهو ما اعتبره البعض “ابتسامة رومانسية” لا تتناسب مع مشهد سياسي رسمي. وشبّه عدد من المعلّقين ابتسامته بابتسامة الجولاني في لقاءاته الإعلامية السابقة، ما أثار موجة من التعليقات الساخرة بين السوريين والعرب.
بعض مستخدمي منصة إكس قالوا إن ميلوني بدت وكأنها في موعد خاص لا في اجتماع دبلوماسي، بينما نشر آخرون رسومًا ساخرة تظهر هاتف الشرع مع عبارة “100 مكالمة فائتة من زوجته”، في إشارة ضاحكة إلى الحفاوة الإيطالية. آخرون ذهبوا إلى القول إن المشهد يعبّر عن مفارقة تاريخية يتحول فيها قائد سابق لتنظيم جهادي إلى رجل دولة يتحدث باسم سوريا أمام زعماء الغرب.
أوروبا والأزمة السورية.. خلفية ضرورية
منذ عام 2011، اتخذت أوروبا موقفًا داعمًا للمعارضة السورية وفرضت عقوبات صارمة على نظام الأسد، لكنها ظلت حذرة من التعامل مع الفصائل المسلحة، خاصة بعد صعود النصرة وداعش. لاحقًا، تحوّل الاهتمام الأوروبي إلى أزمة اللاجئين ومحاربة الإرهاب، مع بقاء الخطاب الرسمي متمسكًا بضرورة التوصل إلى حل سياسي وانتقال للسلطة.
ومع سقوط الأسد في نهاية 2024، وجدت العواصم الأوروبية نفسها أمام أمر واقع جديد تمثل في قيادة معارضة تسيطر على دمشق، ما دفعها لإعادة النظر في سياساتها السابقة والانفتاح التدريجي على الشرع وحكومته.
مغزى لقاء ميلوني والشرع
لقاء ميلوني والشرع جاء ليؤكد أن إيطاليا تسعى لفتح صفحة جديدة مع سوريا. فقد أعلنت ميلوني دعم بلادها لإعادة إعمار سوريا واستعدادها لعودة اللاجئين السوريين بشكل آمن وطوعي، إلى جانب حماية الأقليات وخاصة المسيحيين.
هذا الموقف يعكس رؤية أوروبية براغماتية جديدة: اعتراف بالواقع الجديد مقابل اشتراطات واضحة تتعلق بحقوق الإنسان، المصالحة الوطنية، وضمان الاستقرار الإقليمي. ورغم استمرار التحفظات على خلفية هيئة تحرير الشام، فإن بروكسل وبرلين ولندن أبدت استعدادها للتواصل مع القيادة الجديدة في دمشق ضمن ضوابط محددة.
بين السخرية والجدية
ما بين السخرية الشعبية من ابتسامة الشرع وتحليل الخبراء السياسيين لمغزى اللقاء، يتضح أن الحدث يجمع بين رمزية التحولات الدراماتيكية في مسار الثورة السورية ورسالة أوروبية واضحة بالاعتراف والتعامل مع السلطة الجديدة. وبينما يرى البعض المشهد مجرد مادة ساخرة للتندر، فإن دوائر القرار في أوروبا تعتبره بداية لمرحلة جديدة قد تعيد رسم ملامح العلاقة بين الغرب وسوريا ما بعد الأسد.

















