إسرائيل تريد الحياة في حروب دائمة : توبيخ أمريكي لوزير الدفاع بعد تصريحاته حول البقاء في غزة
فجّرت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس موجة انتقادات داخلية وخارجية، انتهت بما يشبه توبيخًا سياسيًا أمريكيًا علنيًا، بعد حديثه الصريح عن نية إسرائيل عدم الخروج من قطاع غزة وإعادة أنماط عسكرية–استيطانية بأسماء جديدة.
تصريحات تشعل الجدل
كاتس قال، صباح الثلاثاء، خلال حفل توقيع اتفاقية إخلاء مقر لواء "بنيامين" وبناء 1200 وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل:
"عندما يحين الوقت، سنقيم نويات ناحال في شمال غزة بدلًا من المستوطنات التي تم إخلاؤها… سنفعل ذلك بالطريقة الصحيحة وفي التوقيت المناسب. هناك من يعترض، لكننا نؤيد موقفنا".
وتمثل نويات ناحال وحدات تجمع بين الطابع العسكري والزراعي، وتُعد تاريخيًا مقدمة لإنشاء مستوطنات دائمة، ما فجّر عاصفة سياسية وإعلامية داخل إسرائيل وخارجها.
تراجع متأخر… وبالإنجليزية فقط

وبعد ساعات، وفي خطوة لافتة، خرج كاتس بتوضيح مقتضب وباللغة الإنجليزية فقط، قال فيه:
"الحكومة لا تنوي إقامة مستوطنات في غزة، ووجود ناحال سيكون لأغراض أمنية فقط".
هذا التوضيح لم يُخفف من حدة الجدل، بل زاد الشكوك، خاصة مع ازدواجية الخطاب بين ما يُقال بالعبرية للداخل الإسرائيلي، وما يُقال بالإنجليزية للولايات المتحدة.
غضب أمريكي مكتوم
هيئة البث الإسرائيلية "كان" كشفت أن القيادة الأمريكية أبدت استغرابًا شديدًا من تصريحات كاتس، واعتبرتها متناقضة مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة.

ونقلت الهيئة عن مصدر أمريكي في قيادة عسكرية تتمركز قرب مستوطنة كريات جات:
"لم نفهم مصدر هذا التصريح. من المفترض أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ضمن خطة ترامب. الولايات المتحدة غير مستعدة لقبول استئناف الاستيطان الإسرائيلي في غزة".
ويُعد هذا التصريح بمثابة رسالة توبيخ واضحة، تعكس قلق واشنطن من انزلاق إسرائيل مجددًا نحو سياسات توسعية قد تُفجّر الإقليم.
عقلية «السيادة بالقوة»
رغم التوضيح، واصل كاتس خطابه التصعيدي، معتبرًا أن الحكومة الحالية هي:
"حكومة استيطان… وإذا أُتيحت فرصة فرض السيادة، فسنفعل ذلك. نحن نعيش الآن فترة سيادة فعلية".
ويرى محللون أن هذا الخطاب يعكس تحولًا خطيرًا داخل المؤسسة الإسرائيلية، يقوم على:
-
تحويل الاحتلال العسكري إلى واقع دائم
-
استبدال الاستيطان العلني بصيغ أمنية مؤقتة
-
استغلال حرب 7 أكتوبر لتبرير كل أشكال التوسع
غزة… ساحة حرب دائمة

التناقض بين التصريحات والتوضيحات، وبين الخطط الميدانية على الأرض، يعزز قناعة متزايدة بأن إسرائيل لا تبحث عن نهاية للحرب، بل عن:
-
إدارة دائمة للصراع
-
بقاء عسكري طويل الأمد
-
تحويل غزة إلى ساحة استنزاف مفتوحة
وهو ما يفسر الإصرار على عدم الانسحاب الكامل، رغم الضغوط الدولية، وحتى الأمريكية منها.
ارتدادات داخلية وخارجية
تصريحات كاتس تأتي في وقت حساس تشهده إسرائيل، مع:
-
تصاعد الانقسامات السياسية
-
أزمة تحقيقات ما بعد 7 أكتوبر
-
تراجع صورة "الجيش الذي لا يُقهر"
وفي المقابل، تحاول واشنطن ضبط إيقاع الحليف الإسرائيلي، خشية انزلاق المنطقة إلى حرب أوسع، لا تخدم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
عقيدة إسرائيلية تري في الحرب ضمانة للبقاء
ما جرى ليس مجرد زلة لسان لوزير دفاع، بل انعكاس لعقيدة إسرائيلية ترى أن:
السلام خطر، والحرب ضمانة بقاء.
وبينما تحاول الولايات المتحدة فرض حدود سياسية على السلوك الإسرائيلي، تواصل تل أبيب اللعب على حافة التصعيد، مستخدمة الأمن ذريعة، والاستيطان بأسماء جديدة، في محاولة لفرض وقائع لا يمكن التراجع عنها.
















