سعيد محمد أحمد يكتب :سوريا.. الكوميديا السوداء بين التقسيم والتعويم

قالها منذ عقود طويلة هنرى كيسنجر وزير الخارجية الامريكى الأسبق ومهندس عماية السلام فى الشرق الأوسط : "سوف نصنع إسلاما يناسبنا ويحقق مصالحنا"، لتصبح اليوم حقيقة وواقع موجود يراه الجميع فى المنطقة من خلال صناعه جماعات وتنظيمات وخلايا إرهابية داعشية يجرى توظيفها خدمة للمصالح الأمريكية الصهيونية فى المنطقة ونموزج ابو محمد الجولاني زعيم تنظيم القاعدة المثال النموج فى سوريا .
سوريا بين شبح التقسيم ومحاولات التعويم: الكوميديا السوداء للواقع المأساوي
حقيقة، كشف عنها الرئيس الامريكي ترامب خلال ولايته الاولى وفضح فيها الحزب الديمقراطى ومنافستة فى الأنتخابات الامريكية أنذاك هيلارى كلنتون، بأنهم أوجدوا "داعش" لضرب الأسلام وتشويهه بشكل مطلق، لترويع الأمنيين وفق منهج الأسلام السياسى ومذهب"التقية"، وبرعاية المخابرات البريطانية لذرع كيان سرطانى" الأخوان" لايقل خطورة عن خطورة الكيان الصهيوني يتمدد فى جسد الأمة العربية والإسلامية.
معامل تفريغ للافكارالمتطرفة والقنابل البشرية
وكان العراق النموزج الأسوأ سوادا عقب ابتلاعه بمزاعم أنه سيكون نموزج يحتذى فى المنطقة للحريات والديمقراطية وفقا للدعاية الامريكية انذاك،لتتحول المنطقة إلى معامل تفريغ للافكارالمتطرفة والقنابل البشرية بداية من تنظيم القاعدة مروروا ب" داعش" تنظيم الدولة الأسلامية دولة البغدادى، وانتهاج منطق الاستحلال والسبى ونشر ثقافة جهاد النكاح باستباحة الحرمات لكل من يخالف منطقهم المتطرف تحت ستار المتاجرة بالدين والدين منهم براء ٠
ويبقى السؤال الأهم إلى متى سيستمر ذلك الوضع المأساوى فى سوريا ؟ وهل بات التغيير بالفعل حتميا او قريبا وفقا للعديد من التقارير الأستخباراتية والتقارير الأخبارية ؟ وماهى مخاطر التقسيم على سوريا حاليا؟ خاصة بعد توافق القوى الأقليمية والدولية " أمريكا وروسيا وتركيا واسرائيل" على السماح بالنظام الفيدرالى فى أن يكون لكل طائفة واقليم حكم ذاتى يتمتع بخصوصية طائفته فى مواجهه الهجمة التترية عليهم سواء فى الساحل السورى تجاه" العلويين " أو جنوب سوريا " تجاه الدروز فى محافظة السويداء .
دمشق بين مطرقة نتنياهو وسندان أنقرة
وبرغم كل المحاولات التى تجرى "لتعويم" أبو محمد الجولانى "خليجيا" وامريكيا، الا ان كل تلك المحاولات يبدو انها باءت بالفشل لعدم قدرة الجولانى فى فرض السيطرة على كافة الفصائل التى تمارس سطوتها على السوريين فى مختلف المناطق بما فيهم السنة بل وعجزه أو تغاضيه فى عدم قدرتة بعد 9 أشهر من فرض أو توفير الحد الأدنى من الامن والأستقرار، وانقاذ الشعب من توغل الفصائل التابعه له من الجهاديين الأجانب ومن فروع الأمن التابعة لهيئة تحرير الشام، الأمر الذى دعا تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للامم المتحدة رقم 2254، والمتخذ بالإجماع في 18 ديسمبر 2015، والمتعلق بتسوية سياسية للوضع في سوريا.
وفى ظل غياب عقد اجتماعى سورى وسياسى موحد مع استمرار سيطرة الجماعات الجهادية المتطرفة من مؤيدى ومناصرى الجولاني وتهميشهم للاقليات، فهناك من يرى أن الفيدرالية هى الحل الوحيد للشعب السورى فى تلك المرحلة الشديدة الخطورة بما يضمن الحقوق والخصائص لكل طائفة من الطوائف فى ظل ممارسات سياسة الأمر الواقع ومنطق من يحرر يقرر، وقد يكون البديل الدموى فى شبح التقسيم بما سيؤدى حتما إلى حربا أهلية لايحمد عقباها
نشر ثقافة الكراهية.وتفتيت المجتمع
حقيقة الأمر قد يسود منطق القوة والفوضى إلى حين خاصة ان الشعب السورى عاش مرحلة طويلة من التجانس والأستقرار والأمن الى حد كبير بين مختلف طوائفة عبرعادات وسلوكيات منضبطة فى منظومة العيش المشترك، ولم يحدث ما يشير الى إثارة النعرات والفوارق التى ظهرت وتفشت سوى مع عصابة الجولانى وجماعته وتغذيتها والنفخ فيها من قبل جماعة اخوان سوريا لتتحول إلى إبادة لتلك الطوئف، وتفتيت للمجتمع من الداخل لنشر ثقافة الكراهية بين الجميع وعبر خطابات توصف سياسيا بانها خطابات تهجير وترويع بالتطهير العرقى .
دمشق معقل لعصابة جديدة من رجال الاقتصاد والمال
العديد من المراقبين يتوقع أن تصبح دمشق معقل لعصابة جديدة من رجال الاقتصاد والمال على رأسهم شقيقا الجولاني "حازم وماهر" ، وكذا أخطر الجهاديين الأجانب العائدين من أدلب محملين بالأنتقام والكراهية والحرمان والعطش لاستحلال الغنائم والاستيلاء على الممتلكات من أصحابها فى الساحل السورى الذين سلموا اسلحتهم طواعية لتقوم عناصر الجولاني بالاستفراد بهم فى عملية ابادة جماعية شهدها العالم وكذا فى جنوب سوريا وجرى توثيقها من عمليات الذبح والسبى والقتل رميا بالرصاص دون تمييز بين المذاهب والطوائف .
على جانب أخر من لا يتصور أن العاصمة دمشق أصبحت فى حوزة وحماية وسيطرة "نتنياهو"، فعليه أن يراجع نفسه ليتأكد أن دمشق لن تكون المدينة الأولى، فقد سبقتها مدينة "حلب" التى تصارع نفوذا تركيا مقيتا لتغيير هويتها مثلما فعلوا فى شمال سوريا امتدادا من محافظة إدلب وحتى محافظة اللاذقية على مسافة قرابة الألف كيلومتر تقع تحت الاحتلال التركى يمارس هيمنته فى تغيير هويتها وديمغرافيتها وثقافتها وتعليمها واستبدال عملتها بالعملة التركية.