نتنياهو يفتح النار: بن سلمان لم يحصل على ما يريد من ترامب.. رسائل معسولة بلا تنفيذ
خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح مثير قال فيه إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يحصل على كل ما أراده من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغم الزيارة التاريخية إلى البيت الأبيض والاستقبال الحافل الذي حظي به.
هذا التصريح، الذي جاء خلال مقابلة مع قناة "أبو علي إكسبريس"، لم يكن مجرد رأي عابر، بل إشارة مباشرة إلى ما يدور خلف الأبواب المغلقة بشأن صفقات السلاح، وعلى رأسها مقاتلات F-35، ومشاريع التطبيع، والالتزامات السياسية والاقتصادية بين واشنطن والرياض.
رسائل ترامب.. وعود كبيرة بلا أفعال
بحسب مراقبين، فإن أجندة السعودية في عهد ترامب كانت واضحة:
-
الحصول على ضمانات أمنية مباشرة من واشنطن.
-
الحصول على مقاتلات F-35 أسوة بإسرائيل.
-
تسريع مشروعات التكنولوجيا والدفاع المشترك.
-
دعم رؤية 2030 عبر استثمارات أمريكية ضخمة.
لكن الواقع — كما يعكسه تصريح نتنياهو — يقول إن ترامب قدّم رسائل إيجابية، وأبدى حماسًا، لكنه لم ينفذ كل شيء.
ونتنياهو يوحي هنا بأن ترامب كان يعطي الرياض “كلمات جميلة” ووعودًا كبيرة، لكنه في اللحظة الحاسمة يعود لضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل الذي يعد أحد الخطوط الحمراء التقليدية للسياسة الأمريكية.

نتنياهو: طلبت ضمانات فحصلت عليها
قال نتنياهو في التصريح الذي أثار الجدل:
"تحدثت مع السيناتور روبيو أمس، وتلقيت وعدًا بالحفاظ على التفوق النوعي… لم يكن ذلك ضروريًا قبل بيع طائرات F-35، ولكن بمجرد حدوث ذلك، تأكدت منه".
ثم أضاف:
"لم يحصل بن سلمان على كل ما أراده من ترامب".
هذا التصريح يضع العلاقات الأمريكية-السعودية تحت مجهر جديد، ويؤكد أن إسرائيل كانت وما زالت اللاعب الأبرز في معادلة تسليح المنطقة، وأن أي خطوة أمريكية تجاه السعودية تمر دائمًا عبر “الفلتر الأمني الإسرائيلي”.
زيارة بن سلمان إلى البيت الأبيض: احتفال كبير.. مقابل محدود
زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن، وهي الأولى منذ 7 سنوات، جاءت بمراسم عالية المستوى:
-
استقبال رئاسي رسمي.
-
جلسة مباحثات في المكتب البيضاوي.
-
إعلان نوايا لبيع مقاتلات F-35 المتطورة.
-
تعهد سعودي باستثمارات قد تصل إلى تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي.
لكن رغم كل ذلك، يخرج نتنياهو ليقول:
"بن سلمان لم يحصل على كل ما يريد."
ما الذي أرادته السعودية بالفعل؟
تحليل سياسي يربط عدة نقاط:
1. ضمانة أمنية أمريكية مكتوبة
السعودية تسعى لصيغة “تحالف دفاعي” يشبه المادة الخامسة في الناتو — وهو ما لم يحصل.
2. الحصول على F-35 بدون قيود سياسية
ترامب وعد… لكن الإدارة لم تنفذ بشكل كامل بسبب اعتراضات داخل البنتاغون والكونغرس وتل أبيب.
3. مشروع نووي مدني متقدم تحت إشراف سعودي كامل
واشنطن لا تزال تفرض قيودًا عُليا على تخصيب اليورانيوم.
4. دعم أمريكي مطلق في الملفات الإقليمية (اليمن – إيران – البحر الأحمر)
الوعود كثيرة، لكن الالتزام محدود ومشروط.

ترامب.. المكاسب أولًا
ترامب — المعروف ببراغماتيته الشديدة — ركّز خلال اللقاء على:
-
عقود السلاح
-
الاستثمارات السعودية في أمريكا
-
تعزيز صورته الانتخابية داخل الولايات المتحدة
أما تحقيق المطالب الجوهرية للسعودية فكان — كما ألمح نتنياهو — محل تجزئة وتسويف.
نتنياهو: متفائل بحذر
رغم التوترات التقليدية، لا يزال نتنياهو يرى أن التطبيع مع السعودية “لا يزال على الطاولة”، لكنه مشروط بالآتي:
-
ضمان بقاء التفوق العسكري الإسرائيلي.
-
ضبط أي خطوة قد تبدو أنها ترفع من القوة الإقليمية للسعودية على حساب إسرائيل.
-
التحكم في شكل الاتفاق الأمني الأمريكي-السعودي.
معنى ذلك: أي تطبيع مستقبلي ستحدده تل أبيب بقدر كبير باعتبارها “الحاجز الفني” أمام أي صفقة سعودية-أمريكية.
السعودية تقدم الكثير واسرائيل تعطل كالعادة
التصريح الأخير لنتنياهو يكشف بوضوح:
السعودية قدّمت الكثير — استثمارات، انفتاح سياسي، قبول بمبدأ التطبيع.
وترامب قدّم الكثير من الكلام — وعود، رسائل، احتفالات — لكن التنفيذ كان محدودًا.
وإسرائيل كانت ولا تزال اللاعب الذي يعطّل أو يمرّر أي “هدية استراتيجية” تمنحها واشنطن للرياض.
هذا هو جوهر الصراع الدبلوماسي اليوم:
سباق نفوذ بين السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، والكل يحاول أن يخرج بأكبر مكسب ممكن من دون خسائر سياسية أو أمنية.
















