قصة مستريح سوهاج الجديد : نصّاب محترف ويستولي على أكثر من 150 مليون جنيه من ضحاياه
في واحدة من أكثر قضايا النصب دهاءً وإثارة في محافظة سوهاج، تتكشف فصول جديدة في سلسلة “المستريحين الجدد”، حيث استطاع أحد المحتالين أن يستولي على ما يزيد عن 150 مليون جنيه من أموال المواطنين، بعد أن أوهمهم بأنه يشغّل أموالهم في تجهيز القاعات والحفلات مقابل نسب أرباح خيالية.
البداية كانت من عامل مطرود من شركة للمشروبات الغازية بعد ضبطه في واقعة سرقة. وبعد فترة، عمل في شركة دعاية وتنظيم مؤتمرات، لكنه لم يتعظ، حيث استغل ثقة صاحب الشركة فيه وسرق أموالًا ومعدات، قبل أن يتنازل الأخير عن البلاغ بدافع الإنسانية.
إلا أن الجشع تغلّب على الضمير، فاستغل النصاب الجديد علاقات العمل السابقة وادّعى أنه أصبح صاحب شركة دعاية كبيرة، يمتلك فروعًا في أكثر من محافظة، وبدأ في جمع الأموال من المواطنين لتشغيلها في تجهيز قاعات الأفراح والمناسبات.
خطة احتيالية محكمة
بحسب شهادات الضحايا، كان المحتال يدّعي أمام كل شخص أنه شريكه الوحيد في إحدى القاعات أو المعدات، ويمنحه وعودًا بنسبة أرباح مرتفعة.
بذكاء إجرامي بالغ، حرص النصّاب على ألا يتعرف أي من ضحاياه على الآخر، ليظل كل شخص يعتقد أنه الشريك الوحيد، ما جعل عملية كشفه شبه مستحيلة لعدة أشهر.
ومع مرور الوقت، استمر في جمع مبالغ مالية ضخمة تجاوزت 150 مليون جنيه من أكثر من 100 شخص، دون أن يرد أي أرباح، حتى انكشفت القصة صدفة بعد القبض عليه لتنفيذ أحكام غيابية صادرة ضده في قضايا شيكات ونصب سابقة.
الصدفة تكشف المستور
بمجرد انتشار خبر القبض عليه، توافد عشرات المواطنين إلى منزله بحثًا عن أموالهم، وهناك كانت المفاجأة الكبرى…
كل ضحية اكتشفت أن الآخرين يحملون نفس القصة، وأنهم جميعًا خُدعوا بالطريقة ذاتها. وبحسب المعلومات الأولية، فإن إجمالي المبالغ التي جمعها المتهم وشركاؤه تتجاوز 150 مليون جنيه، بخلاف عشرات الشيكات وإيصالات الأمانة التي لم تُصرف حتى الآن.
خلف الكواليس: أحكام ومزاعم مثيرة
التحقيقات المبدئية كشفت أن المتهم محكوم عليه في أكثر من 18 قضية تتنوع بين شيكات بدون رصيد، وإيصالات أمانة، واستيلاء على أموال، بإجمالي أحكام تتجاوز 50 سنة حبسًا.
كما ذكرت بعض الضحايا أن المحتال أشار خلال حديثه مع عدد منهم إلى أن “جزءًا من الأموال لدى شخصية معروفة”، زاعمًا أن هذا الشخص يشغل منصب مهم دون أن يقدم دليلًا ملموسًا. وحتى اللحظة، لم يتم التأكد من صحة هذه المزاعم، وما إذا كان هذا الشخص يعلم بمصدر الأموال أم لا.
ضحايا ينتظرون.. ونصاب يماطل
ورغم انكشاف القصة، ما زال النصاب وإخوته يماطلون الضحايا بمواعيد وهمية لتسليم مستحقاتهم، في محاولة لتأجيل أي بلاغات رسمية ضدهم لدى مباحث الأموال العامة.
لكن كثيرين من الضحايا بدأوا بالفعل في إعداد ملفات قانونية لتقديم بلاغات جماعية خلال الأيام المقبلة.
تساؤلات مفتوحة حول علميات النصب
القضية لا تزال مفتوحة، وهناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة:
-
هل الـ150 مليون جنيه هي كل الأموال المسروقة أم أن هناك ضحايا لم يظهروا بعد؟
-
هل جُمّدت الأموال في عقارات أو أراضٍ، أم استثمرها النصاب وإخوته لحسابهم الخاص؟
-
ما صحة ادعائه بأن هناك شخصيات عامة متورطة أو على علم بما جرى؟
-
ولماذا لم يتجه الضحايا حتى الآن إلى الجهات الرسمية لاسترداد أموالهم بدلًا من الانتظار والوعود الوهمية؟
رسالة تحذير للمواطنين
تؤكد هذه القضية مجددًا أن النصب لا ينجح إلا بوجود طمع أو ثقة زائدة. ورغم مئات القضايا السابقة، لا يزال البعض يسلم أمواله لمن يَعِدُه بأرباح خيالية دون ضمانات قانونية.
احذر من أي شخص يطلب أموالك لتشغيلها خارج إطار رسمي أو بوعود “سريعة الثراء”. فالنصاب لا يملّ ولا يتوب، والضحية دائمًا هو من يدفع الثمن.













