مقاتلو نفق رفح بين فكيّ الحصار والتجويع.. ورواية الاحتلال عن الاستسلام القسري تحت الأرض”
تحوّلت أنفاق رفح إلى ساحة صراع خفية ومغلقة بين مقاتلي المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يروّج في الأيام الأخيرة لرواية “انهيار المقاتلين من الداخل” وسط ظروف حصار خانق ونقص حاد في الماء والطعام.
وزعم جيش الاحتلال أن خمسة من مقاتلي المقاومة خرجوا من تحت الأرض شرق رفح، في منطقة تُعرف عسكريًا باسم “جيب رفح”، وسلّموا أنفسهم للقوات الإسرائيلية. إلا أن مراقبين يرون أن هذه الرواية قد تأتي ضمن الدعاية العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى إظهار تفكك بنية المقاومة بعد عمليات القصف والهدم المستمرة.
اعتقال 5 مقاتلين ورواية إسرائيلية عن “الاستسلام بسبب الجوع”
بحسب القناة العبرية 12، فإن المقاتلين الذين جرى اعتقالهم أقرّوا – وفقًا لرواية الاحتلال – بأنهم خرجوا من الأنفاق “بسبب نقص الماء والطعام” في ظلّ انهيار الإمدادات اللوجستية داخل الشبكة القتالية التي تُعد الأهم بالنسبة للمقاومة في جنوب القطاع.
ونقلت القناة عن المعتقلين قولهم:
"خرجنا لأنه لم يعد لدينا ماء أو طعام."
6 قتلى في غارة جوية خلال محاولة الفرار
بالتزامن مع ذلك، أعلنت إسرائيل أنها قتلت ستة مقاتلين آخرين أثناء محاولتهم تغيير مواقعهم داخل شبكة الأنفاق، حيث استهدفتهم طائرات الاحتلال بغارة مباشرة دون أن تمنحهم فرصة للهروب.
هذه الرواية تعكس بحسب محللين رغبة الاحتلال في التأكيد على أنه أحكم السيطرة على محاور الحركة داخل رفح، وتحويل الأنفاق إلى “مصيدة محكمة” لكل من يحاول الخروج منها.
وجود 30 مقاتلاً آخرين وجثث داخل الأنفاق
وزعمت إسرائيل أيضًا أن فرقها اكتشفت داخل أحد الأنفاق نحو 30 مقاتلاً آخرين في ظروف إنسانية صعبة، إضافة إلى عشر جثث تعود لمقاتلين قضوا نتيجة القصف أو الجوع.
وتأتي هذه الروايات في إطار محاولة الاحتلال تصوير “الانهيار الداخلي” للمقاومة، رغم أن الأنفاق أثبتت خلال الحرب أنها أحد أعقد الملفات التي عجزت إسرائيل عن التعامل معها عسكريًا على مدار الأشهر الماضية.
هدم الأنفاق.. استراتيجية “الخنق البطيء”
يواصل جيش الاحتلال تنفيذ عمليات تفجير وتجريف لأنفاق رفح بشكل ممنهج، في ما وصفه محللون بأنه استراتيجية خنق بطيء تهدف إلى تقليص مساحات الحركة تحت الأرض ودفع المقاتلين للخروج تحت نار الطائرات.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن عشرات المقاتلين ما زالوا يتحصنون داخل مواقع أخرى في رفح، وأن العملية العسكرية لم تصل بعد إلى نهايتها رغم الادعاءات الإسرائيلية بتحقيق “تقدم واسع”.
المعركة لم تنتهِ… والأنفاق لا تزال سرّ قوة المقاومة
ويرى خبراء أن الاحتلال يحاول تضخيم “رواية السقوط” لرفع معنويات جنوده، في حين أن شبكة الأنفاق – رغم الخسائر – لا تزال تشكّل نقطة صلبة في معادلة الحرب، كما أنها سبق أن صمدت في ظروف أصعب خلال الحروب السابقة.
ويؤكد محللون أن المعركة داخل الأنفاق هي الأشد تعقيدًا بالنسبة لإسرائيل، وأن الخروج القسري لبعض المقاتلين – إن صحّ – لا يعني انهيار المنظومة التي بُنيت على مدار سنوات وأصبحت جزءًا أساسيًا من العقيدة القتالية للمقاومة.
















