إسرائيل تستعد لإطلاق سراح أول دفعة من أسراها السبت.. وقوة دولية للبحث عن الجثث في غزة

استعدادات مكثفة لإطلاق سراح الأسرى
تستعد إسرائيل لإطلاق سراح أول دفعة من أسراها الذين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة، وذلك يوم السبت المقبل، وفق ما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية.
ويأتي هذا التطور بعد الإعلان الرسمي عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الخميس من واشنطن، مؤكدًا أنه يمثل المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الأسرى إلى وطنهم.
تفاصيل الاتفاق الجديد
بموجب الاتفاق، تلتزم حماس منذ لحظة انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى "الخط الأصفر" — وهو خط الانسحاب الأول المحدد ضمن خطة ترامب — بـ إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء والقتلى خلال 72 ساعة.
كما ينص الاتفاق على أن القوة متعددة الجنسيات التي تم تشكيلها خصيصًا لهذا الغرض، ستتولى عمليات البحث عن جثث الأسرى الإسرائيليين في حال أعلنت حماس عجزها عن تحديد أماكنهم.
قوة متعددة الجنسيات داخل غزة
وفق القناة 12، فإن هذه القوة الدولية المشتركة تتكون من قطر ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل، وستعمل داخل قطاع غزة بالتنسيق مع الأطراف كافة.
وسيُسمح لها باستخدام معدات هندسية ثقيلة للمساعدة في عمليات البحث تحت الأنقاض أو في المناطق التي يُعتقد أن الجثث مدفونة فيها.
وذكرت التقارير أن إسرائيل ستوفر جزءًا من هذه المعدات، في حين ستتولى الولايات المتحدة الإشراف الفني واللوجستي على العملية، بينما تلعب كل من مصر وقطر دور الوساطة الميدانية وضمان الأمن الميداني أثناء تنفيذ المهام.
حماس مطالبة بتحديد أماكن الجثث
تؤكد المصادر الإسرائيلية أن هناك قناعة متزايدة داخل المؤسسة الأمنية بأن حركة حماس لا تعرف أماكن جميع جثث الأسرى القتلى الذين فُقدوا خلال الحرب، خصوصًا في شمال القطاع.
وبحسب الاتفاق، ستكون حماس ملزمة ببذل “قصارى جهدها” لتحديد أماكنهم وتسليمهم خلال المهلة المحددة، على أن تتدخل القوة الدولية في حال فشلها.
مراسم التوقيع في شرم الشيخ
من المقرر أن توقّع إسرائيل وحركة حماس اليوم الجمعة في شرم الشيخ، وبحضور ممثلين عن الولايات المتحدة وقطر ومصر، اتفاق المرحلة الأولى من صفقة الأسرى، والتي تمهد لإنهاء الحرب في غزة وبدء تنفيذ وقف إطلاق النار الشامل.
وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية أن التوقيع في شرم الشيخ يأتي تتويجًا لجهود مكثفة من الوساطة المصرية والقطرية التي استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع، وأسفرت عن تفاهمات أمنية وإنسانية معقدة تشمل إعادة الإعمار، وفتح المعابر، وإعادة إدخال المساعدات الإنسانية.
استقبال الأسرى في إسرائيل
ذكرت القناة 12 أن الأجهزة الأمنية في إسرائيل استكملت استعدادات غير مسبوقة لاستقبال الأسرى العشرين المتوقع الإفراج عنهم يوم السبت، بعد احتجازهم لنحو عامين كاملين.
وتم تجهيز مراكز طبية ونفسية خاصة لاستقبالهم فور وصولهم إلى قاعدة “تل نوف” الجوية، كما تقرر إقامة مراسم استقبال رسمية بحضور رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقادة الجيش، تقديرًا لما وصفته الحكومة الإسرائيلية بـ“صمود الأسرى وبسالتهم خلال الأسر”.
وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ
يتزامن بدء تنفيذ صفقة الأسرى مع دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، بعد حربٍ استمرت قرابة عام، خلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ودمارًا غير مسبوق في البنية التحتية للقطاع.
وبحسب تصريحات ترامب، فإن المرحلة الثانية من الاتفاق ستشمل ترتيبات أمنية لضمان عدم تجدد الأعمال القتالية، إلى جانب بدء مفاوضات مباشرة حول إعادة إعمار غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم.
من الميدان إلى الدبلوماسية
يرى محللون إسرائيليون أن توقيع اتفاق الأسرى يمثل “التحول الأهم” منذ بداية الحرب، لأنه ينقل الصراع من الميدان إلى الطاولة السياسية، ويمنح إسرائيل فرصة لإعادة ترتيب أوراقها داخليًا بعد شهور من الضغط الشعبي بسبب ملف الأسرى.
أما على الجانب الفلسطيني، فيُتوقع أن تواجه حماس ضغوطًا كبيرة لتنفيذ التزاماتها خلال المهلة المحددة، خصوصًا فيما يتعلق بتحديد أماكن جثث الأسرى، وهي القضية التي قد تشكل اختبارًا حقيقيًا لمصداقيتها أمام الوسطاء الدوليين.
مرحلة جديدة في ملف غزة
بينما تستعد إسرائيل لاستقبال أول دفعة من أسراها، ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تبدأ مرحلة جديدة في ملف غزة — مرحلة تختبر فيها الأطراف المتصارعة قدرتها على تحويل الاتفاقات السياسية إلى واقعٍ ميداني.
لكن تبقى الأسئلة الكبرى معلّقة:
هل ستلتزم حماس بتعهداتها في الوقت المحدد؟
وهل تنجح القوة الدولية في العثور على المفقودين داخل قطاعٍ مثخنٍ بالدمار؟
الإجابات، كما يبدو، لن تتأخر كثيرًا.