في توقيت حرج.. متطرفو إسرائيل يشعلون التوتر باقتحام الأقصى خلال مفاوضات شرم الشيخ لإطلاق الرهائن ووقف حرب غزة

أقدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، صباح الأربعاء، على اقتحام باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وذلك بالتزامن مع استمرار مفاوضات شرم الشيخ غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، الهادفة إلى إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب المستمرة في غزة منذ عامين.
اقتحام متكرر يشعل الغضب الفلسطيني
ونقلت وكالات الانباء في القدس أن اقتحام بن غفير يأتي ضمن سلسلة اقتحامات متكررة، إذ تعد هذه المرة الثانية عشرة التي يقتحم فيها المسجد الأقصى منذ توليه منصبه وزيرًا للأمن القومي في أواخر عام 2022، والمرة التاسعة منذ اندلاع الحرب على غزة قبل نحو عامين.
وجرى الاقتحام بشكل مفاجئ ودون إعلان مسبق، تحت حماية أمنية مشددة من الشرطة الإسرائيلية التي أغلقت محيط المسجد ونشرت تعزيزات كبيرة في مداخله وأبوابه لتأمين المتطرفين المقتحمين.
تحت غطاء "الصلاة" وادعاءات دينية
وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة المثيرة للجدل، أصدر مكتب بن غفير بيانًا رسميًا زعم فيه أنه "زار الأقصى للصلاة من أجل النصر في الحرب وعودة الرهائن".
لكن مصادر فلسطينية أكدت أن الهدف الحقيقي من الاقتحام هو استفزاز مشاعر المسلمين واستعراض القوة أمام جمهوره اليميني المتطرف، خاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو خلال المفاوضات الجارية في مصر.
وأكد شهود عيان لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن مجموعات من المستوطنين المتطرفين، بقيادة بن غفير، اقتحموا باحات المسجد من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسًا تلمودية علنية، في حين شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها حول المسجد ومنعت المصلين من الاقتراب.
توقيت حساس يهدد بنسف المفاوضات
ويأتي هذا التصعيد في ذروة مفاوضات شرم الشيخ التي تُجرى بوساطة مصرية وقطرية ودولية، وتستهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وفق خطة ترامب.
ويرى محللون أن الاقتحام يبعث برسائل سياسية من جناح اليمين الإسرائيلي الرافض لأي تنازل لحماس، في محاولة لعرقلة جهود الوسطاء وإفشال أي اتفاق قد يؤدي إلى تهدئة في غزة.
كما تزامن الاقتحام مع بداية عيد العرش اليهودي، الذي يستمر أسبوعًا وتُكثَّف خلاله اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، حيث شوهد بعضهم يحملون القرابين النباتية أثناء تجوالهم في البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، وسط استنفار أمني واسع النطاق.
الأقصى بين العبادة والسياسة
ويعتبر مراقبون أن المسجد الأقصى بات ورقة ضغط سياسية بيد اليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث يسعى بن غفير إلى تعزيز شعبيته داخل المجتمع اليميني من خلال خطوات استفزازية تلامس أكثر الملفات حساسية في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وفي المقابل، حذّرت الأوقاف الإسلامية في القدس من أن استمرار هذه الاقتحامات المتكررة سيؤدي إلى تفجير الأوضاع داخل المدينة القديمة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المحيطة بالمفاوضات الجارية في مصر.
من هو إيتمار بن غفير؟
يُعرف بن غفير بأنه أحد أبرز رموز اليمين المتطرف في إسرائيل، ويتزعم حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية). سبق أن أدين في قضايا تحريض على العنصرية والعنف ضد العرب، ويُعد من أشد مؤيدي توسيع الاستيطان وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى.
ويستخدم بن غفير هذه الاقتحامات المتكررة للأقصى كورقة دعائية لتعزيز صورته بين التيارات المتشددة، في وقت تواجه فيه حكومة نتنياهو ضغوطًا داخلية وانقسامات سياسية حادة بسبب طول أمد الحرب في غزة.
ردود فعل عربية ودولية غاضبة من اقتحام الأقصى
أثار اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لباحات المسجد الأقصى موجة من الإدانات العربية والدولية، نظرًا لحساسية التوقيت الذي جاء فيه تزامنًا مع مفاوضات شرم الشيخ حول إطلاق الرهائن ووقف الحرب في غزة.
الموقف المصري
أعربت وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي عن إدانتها الشديدة لاقتحام باحات المسجد الأقصى، مؤكدة أن مثل هذه الممارسات تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر المسلمين حول العالم، وتهدد بانفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ودعت القاهرة الجانب الإسرائيلي إلى الوقف الفوري لهذه الانتهاكات، محذّرة من أن استمرارها سيقوض الجهود الجارية في شرم الشيخ للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع في غزة.
الأردن يحذّر من التصعيد في الحرم الشريف
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية اقتحام الأقصى واعتبرته خرقًا واضحًا للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، مشيرة إلى أن المملكة، بصفتها الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تتحمل مسؤولية الدفاع عنها.
وأكدت أن الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية في الحرم الشريف تزيد التوتر الديني والسياسي في المنطقة وتؤدي إلى تآكل فرص السلام العادل والدائم.
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس
وفي أول تعليق دولي، دعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب أي خطوات من شأنها إشعال الوضع في القدس والضفة الغربية.
وأكد أن المنظمة تتابع بقلق بالغ تكرار الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، مشددًا على ضرورة احترام حرمة الأماكن المقدسة والحفاظ على الوضع القانوني الراهن في القدس.
موقف سعودي داعم للقدس
كما عبّرت المملكة العربية السعودية عن رفضها التام لهذه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، مؤكدة دعمها الكامل للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، ومجددة الدعوة إلى تحرك دولي عاجل لحماية المقدسات الإسلامية في القدس.