مصر ترسم الخط الأحمر: لا للتوسع الإسرائيلي، لا لعدوان لبنان وسوريا، ولا لإغلاق معبر رفح أمام غزة
مع تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار سياسة التوسع والعدوان الإسرائيلي في أكثر من جبهة، تتجدد مواقف مصر الرافضة لأي محاولات لفرض واقع جديد في المنطقة، سواء عبر استمرار الحرب على غزة، أو توسيع رقعة الصراع لتشمل لبنان وسوريا، أو من خلال التعنت الإسرائيلي في ملف المساعدات الإنسانية وإغلاق معبر رفح أمام الإغاثة المتجهة إلى الشعب الفلسطيني المحاصر.
الإعلام العبري: خلافات حادة حول قمة محتملة تجمع ترامب ونتنياهو والسيسي
كشفت وسائل إعلام عبرية، من بينها صحيفة «إيبوك» الإسرائيلية، أن دوائر سياسية رفيعة المستوى في تل أبيب أبدت اعتراضًا صريحًا على الشروط التي وضعتها مصر لعقد قمة ثلاثية محتملة تضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن.
وبحسب الصحيفة، فإن الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب، تحاول دفع الأطراف الثلاثة إلى طاولة واحدة، في محاولة لاحتواء التوترات المتفاقمة في المنطقة، إلا أن تل أبيب ترى أن المطالب المصرية تمثل «عقبات سياسية» أمام إنجاح هذه القمة.

شكوى مصرية–قطرية من الانتهاكات الإسرائيلية في غزة
وأشارت التقارير العبرية إلى أن كلًا من مصر وقطر تقدمتا بشكوى رسمية إلى الإدارة الأمريكية، اعتراضًا على الخطوات التي تنفذها إسرائيل داخل المناطق التي لا تزال تحتلها في قطاع غزة، معتبرتين أن هذه الإجراءات تشكل انتهاكًا واضحًا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتهدد بإفشال الانتقال إلى المرحلة الثانية من ما يُعرف إعلاميًا بـ«خطة ترامب» للتعامل مع الملف الفلسطيني.
وتشمل هذه الانتهاكات، وفق مصادر دبلوماسية، عمليات تعديل التضاريس داخل القطاع، وتوسيع المناطق العازلة، واستمرار الوجود العسكري الإسرائيلي، وهو ما قوبل بتحذيرات متكررة من الوسطاء، وفي مقدمتهم الجانب المصري.
مخاوف مصرية من تقسيم غزة وتغيير هويتها
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر سياسية في تل أبيب أن القلق المصري يتمحور حول ما تصفه القاهرة بمحاولات إسرائيلية ممنهجة لتكريس وجود عسكري دائم داخل غزة، بما يسمح لها بالتحايل على أي التزامات بالانسحاب الكامل مستقبلًا.
وترى مصر أن هذه التحركات تمثل خطرًا حقيقيًا، ليس فقط على وحدة قطاع غزة، بل على بنيته الجغرافية والديموغرافية، وقد تمهد فعليًا لتقسيم القطاع أو فرض واقع قسري جديد على سكانه، في انتهاك صارخ للتفاهمات الدولية وقرارات الشرعية الأممية.
رفض مصري قاطع للترحيل والتوسع الإسرائيلي
وفي هذا السياق، أكدت مصادر دبلوماسية مصرية أن القاهرة عبّرت بوضوح عن موقفها خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع وفد أوروبي برئاسة المبعوث الأوروبي للشرق الأوسط كريستوف بيغو، حيث شدد على أن مصر «ترفض رفضًا قاطعًا أي دعوات لترحيل الفلسطينيين، أو تغيير الوضع الجغرافي والديموغرافي لقطاع غزة».
وجدد عبد العاطي الموقف المصري ذاته خلال مشاركته في «منتدى الدوحة»، مؤكدًا أن تقسيم قطاع غزة خط أحمر لا يمكن القبول به، وأن أي تسوية سياسية يجب أن تقوم على احترام وحدة الأراضي الفلسطينية، وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
العدوان على لبنان وسوريا ومعبر رفح

ولا يقتصر الرفض المصري على ما يجري في غزة فقط، بل يمتد ليشمل سياسة التوسع العسكري الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية، والتي ترى القاهرة أنها تهدد بإشعال المنطقة بأكملها، وتنسف أي فرص للاستقرار الإقليمي.
كما جددت مصر انتقادها الشديد لتعنت إسرائيل في ملف فتح معبر رفح، واستخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط سياسية، مؤكدة أن الحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة يمثل جريمة إنسانية، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
موقف إقليمي منسق ورسائل واضحة
وتُفسَّر التحركات والتصريحات المصرية الأخيرة على أنها جزء من موقف مصري–قطري منسق، يسعى إلى منع استغلال المرحلة الانتقالية الحالية لفرض أمر واقع جديد في غزة، أو دفع الفلسطينيين قسرًا إلى الهجرة، أو شرعنة الاحتلال طويل الأمد تحت غطاء أمني.
وتبعث القاهرة برسائل واضحة مفادها أن أي مسار سياسي لا يحترم وحدة الأراضي الفلسطينية، ولا يوقف العدوان، ولا يضمن تدفق المساعدات الإنسانية دون قيود، لن يكون مقبولًا، مهما كانت الضغوط أو الوساطات الدولية.
مصر ثابتة على موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية
في ظل هذا المشهد المعقد، تبدو مصر ثابتة على موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، والرافض لسياسات التوسع والعدوان، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا، مع تمسكها بدور الوسيط المسؤول الذي يسعى إلى وقف نزيف الدم، دون التفريط في الثوابت الوطنية والقومية، أو السماح بتمرير حلول تنتقص من حقوق الشعوب أو تفرض بالقوة.
















