مصر تنظّف فضاءها الإلكتروني.. حكم جديد ضد «أم مكة» يعيد ملف المحتوى المنفلت إلى الواجهة
أصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، اليوم الأربعاء، حكمًا يقضي بمعاقبة التيك توكر المعروفة باسم «أم مكة» بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ، وتغريمها 100 ألف جنيه، بعد إدانتها ببث محتوى وصفته النيابة العامة والقضاء بأنه «خادش للحياء ومخالف لقيم المجتمع».
يمثل هذا الحكم حلقة جديدة في سلسلة من الإجراءات المتتابعة التي تتخذها الدولة خلال الأشهر الأخيرة، في إطار خطة رسمية تستهدف تنقية البيئة الرقمية المصرية من المحتوى المخلّ والظواهر السلبية التي تفشت عبر منصات مثل تيك توك، والتي شهدت تضخمًا غير مسبوق في عدد المستخدمين وصناع المحتوى الباحثين عن الربح السريع بأساليب تضر المجتمع والقيم العامة.
حملات قانونية موسعة.. مصر تواجه «اقتصاد اللايكات» بحزم قضائي
وكشفت مصادر قضائية أن الحكم بحق «أم مكة» جاء بعد تحريات دقيقة رصدت عددًا من المقاطع التي تبثها المتهمة عبر حساباتها، تتضمن إيحاءات ومظاهر اعتبرتها جهات التحقيق «تحريضًا على الانحلال وتشجيعًا على ممارسات غير أخلاقية»، الأمر الذي دفع النيابة لفتح تحقيق موسّع انتهى بإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية.
وأكد مصدر قضائي أن النيابة تتبع خلال الفترة الأخيرة أسلوبًا أكثر صرامة، يشمل:
-
فحص الحسابات البنكية لصناع المحتوى داخل مصر وخارجها.
-
تتبع حركة الأموال المرتبطة بأرباح «البث المباشر» والمكافآت الإلكترونية.
-
التحفظ على الحسابات والممتلكات في حال الاشتباه في وجود عمليات غسيل أموال.
-
تحليل مصادر الربح للتأكد من مشروعيتها وربطها بالمحتوى المقدم.
ووفقًا للمصدر، فإن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة واضحة لاستهداف «اقتصاد الظل الرقمي» الذي بدأ ينمو بشكل كبير من خلال أرباح التيك توك والبث المباشر، دون أي رقابة ضريبية أو قانونية.
تحقيقات مستمرة مع صناع محتوى بارزين.. «غسيل أموال» و«محتوى ضار» في دائرة الاتهام

وفي تطور متصل، تواصل جهات التحقيق استجواب عدد من صناع المحتوى البارزين على تطبيق تيك توك، بينهم:
-
شاكر محظور
-
مداهم
-
أم مكة
-
أم سجدة
-
سوزي الأردنية
-
محمد عبد العاطي
وتتمحور الاتهامات الأساسية ضدهم حول:
1. غسيل أموال
بعد تحقيق أرباح ضخمة من تيك توك وجمع هدايا مالية عبر «البث المباشر»، ثم إعادة توظيفها في تعاملات مالية غير واضحة المصدر.
2. نشر محتوى خادش أو غير لائق
يتضمن إشارات جنسية وإيحاءات وإظهار سلوكيات اعتبرها التحقيق «تشجيعًا على الانحلال وتخريبًا لقيم الأسرة المصرية».
3. التهرب من الرقابة المالية
إجراء معاملات بمبالغ كبيرة خارج النظام البنكي المصري، أو عبر حسابات افتراضية أو محافظ إلكترونية غير مُصرّح بها.
وتعمل النيابة حاليًا على مراجعة آلاف المقاطع المصورة، وتتبع التحويلات البنكية، وفحص عقود الإعلانات والتعاونات التجارية التي حصل عليها هؤلاء المؤثرون خلال الفترة الماضية.
تنظيف السوشيال ميديا.. توجه دولة لا تراجع عنه
تؤكد هذه الإجراءات أن مصر قد اتخذت قرارًا حاسمًا بـ إعادة الانضباط إلى فضاء السوشيال ميديا، بعد أن شهدت المنصات انفجارًا في المحتوى غير الأخلاقي، والظواهر المربحة القائمة على:
-
الشجار المفتعل في البث المباشر
-
الإيحاءات اللفظية والجسدية
-
استغلال الأطفال
-
التسول المقنّع
-
ترويج السلوكيات الخطرة
-
بث محتوى من أجل الربح بأي ثمن
ومع تزايد تأثير المحتوى الهابط على الأطفال والمراهقين، وتعاظم حجم الأموال التي يحصل عليها البعض خارج الإطار القانوني، باتت الدولة ترى في هذا الملف قضية أمن اجتماعي وليس مجرد مخالفات فردية.
محاكم خاصة وقوانين جديدة.. إعادة بناء البيئة الرقمية
المتابعون يشيرون إلى أن الحكم على «أم مكة» وتزايد الإحالات القضائية لتيك توكرز آخرين يمثلان بداية مرحلة جديدة، ستشهد:
-
دعمًا أكبر للمحكمة الاقتصادية في ملفات الجرائم الإلكترونية
-
إصدار قوانين إضافية لضبط المحتوى الرقمي
-
مراقبة حسابات المؤثرين ماليًا
-
حملات دورية لحذف المحتوى المخالف
-
إعداد قوائم سوداء بالحسابات عالية الخطورة
كما تعمل الحكومة على تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة «مشاهير التيك توك»، الذين ظهروا كظاهرة ضبابية ضخمة، تعتمد على إثارة الجدل والابتزاز العاطفي، والبث المباشر من أجل الهدايا المالية.
رسالة واضحة بأن مصر تنظّف فضاءها الإلكتروني
الحكم على «أم مكة» ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو رسالة واضحة بأن مصر تنظّف فضاءها الإلكتروني، وأن زمن الفوضى الرقمية قد انتهى، وأن الدولة ماضية في حماية:
-
قيم الأسرة
-
الذوق العام
-
سلامة المجتمع
-
الاقتصاد النظامي
من ظاهرة صناعة المحتوى الهابط وغسيل الأموال الرقمي.
ووفق كل المؤشرات، فإن الأشهر المقبلة قد تشهد موجة محاكمات أوسع، وربما إجراءات تشريعية جديدة، في إطار إعادة رسم حدود «الفضاء الإلكتروني المصري» بما يتسق مع ضوابط الدولة وثقافتها.













