قصر سباهي باشا.. أيقونة ستانلي التي تقف على حافة البحر شاهدة على زمن لا ينسى
على كورنيش الإسكندرية، وتحديدًا عند شاطئ ستانلي، يقف مبنى ليس كأي مبنى… قصر يلوّح للمارة من بعيد، وكأنه يحكي لهم أسرار مدينة عاشقة للبحر.
هناك، فوق ربوة عالية، ينتصب قصر سباهي باشا بشموخ لا تهزّه السنوات، كأنه يحرس ذاكرة الإسكندرية ويحتضن موجها الهادئ والهادر في آن واحد.
هذا القصر ليس مجرد قطعة معمارية، بل روح من الزمن الجميل لا تزال تنبض وسط صخب المدينة الحديثة.

تحفة معمارية تشبه لوحة من التاريخ
شُيّد قصر سباهي باشا في خمسينيات القرن الماضي، على الطراز النيو-إسلامي الذي يمزج بين الفخامة الشرقية واللمسة الأوروبية الرقيقة.
وقد وضع تصميمه المعماري المصري علي ثابت ببراعة جعلت القصر يبدو وكأنه مزيج من الخيال والواقع.
واجهات مزخرفة… شبابيك عالية… شُرفات تطل على البحر مباشرة… وكل قطعة حجر فيه تحكي زمنًا كانت فيه الإسكندرية عاصمة للجمال والذوق الرفيع.
من هو سباهي باشا؟ صاحب الحكاية والهيبة
وراء هذا القصر المهيب، توجد شخصية صنعت تاريخًا اقتصاديًا كبيرًا في مصر.
سباهي باشا—المليونير ذو الأصول السورية—كان واحدًا من رواد صناعة الغزل والنسيج في مصر، وأسّس مصانع "السيوف" الشهيرة التي كانت أهم قلاع الصناعة في الإسكندرية.
لم يكن القصر بالنسبة له مجرد مكان للسكن، بل بيتًا للعائلة وحكاية لعصر كامل عاش فيه لسنوات حتى وفاته.

قصر يتحول إلى نجم سينمائي
حين تلتقي العمارة بالفن… تُولد الأسطورة.
لذلك لم يكن غريبًا أن يصبح القصر موقعًا مفضلًا لتصوير العديد من الأعمال الفنية، منها:
-
فيلم الرغبة – بطولة نور الشريف ومديحة كامل
-
مسلسل رأفت الهجان
-
مسلسل أوبرا عايدة
كل مشهد صُوّر داخل القصر ترك بصمة، وكأنه يضيف فصلًا جديدًا في ذاكرة الدراما المصرية.
حكاية مدينة.. ورحلة روح لا تموت
قصر سباهي باشا ليس مجرد مبنى عتيق يطل على البحر…
إنه ذاكرة مدينة، وشاهد على عصر ذهبي عاشته الإسكندرية، وروح معلّقة بين موج البحر ورياح الزمن.
يظل القصر حاضرًا، يُلهم كل من يمر أمامه، ويحرك شيئًا من الحنين في قلب كل عاشق للإسكندرية.
هذه الحكاية صفحة من دفاتر المدينة الساحرة…
ومع كل موجة ترتطم بالصخور أسفل القصر، تتجدد الحكاية وتستمر.
انتظرونا في حكايات جديدة من قلب الإسكندرية… المدينة التي تتنفس تاريخًا وتروي أسرارًا لا تنتهي.




