مؤسسة هند رجب تطالب ألمانيا باعتقال إيهود أولمرت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة
قدّمت مؤسسة هند رجب لحقوق الإنسان دعوى جنائية أمام القضاء الألماني ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عملية "الرصاص المصبوب" التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة بين عامي 2008 و2009، في واحدة من أكثر الهجمات دموية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
دعوى قانونية تطالب بالاعتقال
ووفق بيان رسمي صادر عن المؤسسة، تم تقديم الدعوى إلى كلٍّ من المدعي العام في برلين والمدعي العام الاتحادي في كارلسروه (Generalbundesanwalt)، المسؤول عن تطبيق قانون الجرائم ضد القانون الدولي الألماني (VStGB)، الذي يمنح ألمانيا الولاية القضائية العالمية على الجرائم الدولية الكبرى، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع إعلان أولمرت حضوره فعالية عامة في العاصمة الألمانية برلين يوم 6 نوفمبر 2025، حيث طالبت المؤسسة السلطات الألمانية باتخاذ إجراءات فورية لاعتقاله ومنعه من مغادرة البلاد.
المسؤولية الجنائية لأولمرت
وبحسب نص الدعوى، فإن أولمرت، بصفته رئيسًا لوزراء إسرائيل بين عامي 2006 و2009، تحمّل المسؤولية السياسية والعسكرية الكاملة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 فلسطيني، بينهم 300 طفل و115 امرأة، وتدمير واسع للبنية التحتية المدنية بما في ذلك مدارس ومستشفيات ومنشآت تابعة للأمم المتحدة.

وأشارت الدعوى إلى أن تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وتقرير غولدستون وثّقت استهدافًا متعمّدًا وعشوائيًا للمدنيين، واستخدام ذخائر الفوسفور الأبيض في مناطق مأهولة بالسكان مثل تل الهوى وخزاعة وبيت لاهيا، إضافة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
تفاصيل الاتهامات
تضمّنت الدعوى المرفوعة قائمة مفصّلة من الانتهاكات الجسيمة، من أبرزها:
-
الهجمات العشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية.
-
القتل خارج نطاق القانون واستهداف المدنيين الذين يلوّحون بالأعلام البيضاء.
-
تدمير مدارس ومستشفيات، منها مدرسة جباليا والفاخورة التابعة للأونروا.
-
استخدام الفوسفور الأبيض في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
-
منع عمليات الإنقاذ والإغاثة الطبية، ما أدى إلى وفاة جرحى بسبب النزيف.
وأكدت المؤسسة أن هذه الجرائم تندرج تحت تصنيف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن المسؤولية تقع مباشرة على عاتق أولمرت باعتباره القائد الأعلى الذي خطط وأجاز تلك العمليات ولم يتخذ أي إجراءات لمنعها أو محاسبة منفذيها.
تحرك قانوني دولي
وطالبت الدعوى المدعي العام الألماني بفتح تحقيق رسمي وإصدار مذكرة اعتقال أوروبية ضد أولمرت، مشيرة إلى أن القانون الألماني VStGB لعام 2002 يتيح محاكمة أي شخص في ألمانيا بتهم تتعلق بجرائم حرب، حتى لو ارتكبت خارج أراضيها ومن قبل مواطنين أجانب.
وقد استخدم هذا القانون سابقًا في محاكمات لمرتكبي جرائم من سوريا ودول أخرى، ما يعزز أحقية القضاء الألماني في النظر في مثل هذه القضايا.
تصريحات مؤسسة هند رجب
قال دياب أبو جهجه، المدير العام للمؤسسة، إن هذه الخطوة “رسالة واضحة بأن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن من ارتكب جرائم ضد الإنسانية لن يفلت من العقاب مهما طال الزمن”.
وأضاف:
“ضحايا غزة يستحقون العدالة، وعلى العالم أن يثبت أن القانون الدولي يُطبّق على الجميع بلا استثناء. لن نسمح لأي مجرم حرب بأن يسافر أو يتحدث في العلن وكأنه فوق القانون.”
أهمية الدعوى وتأثيرها
يرى مراقبون أن هذه الدعوى قد تفتح الباب أمام تحقيقات دولية أوسع ضد قادة إسرائيليين شاركوا في الحرب على غزة، خاصة في ظل تصاعد الدعوات الأوروبية لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم الموثقة خلال العمليات العسكرية المتكررة ضد المدنيين الفلسطينيين.
وتُعدّ هذه الخطوة سابقة قضائية جديدة ضمن جهود المنظمات الحقوقية العالمية لفرض المساءلة القانونية على المسؤولين الإسرائيليين، في وقت تواجه فيه إسرائيل انتقادات متزايدة في المحافل الدولية بشأن انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية.
خلاصة المشهد:
تحرك مؤسسة هند رجب ضد أولمرت يعيد فتح ملف جرائم الحرب في غزة على الساحة الدولية، ويؤكد أن العدالة العابرة للحدود باتت سلاحًا متاحًا أمام الضحايا والمنظمات الحقوقية في مواجهة الحصانة السياسية التي طالما تمتعت بها القيادات الإسرائيلية.

















