اتفاقيات إسرائيل مع العرب في مهب الريح.. اتفاقية أبراهام واتفاقية وادي عربة

مثلت اتفاقية وادي عربة منذ توقيعها في عام (1994) بين الأردن وإسرائيل، واتفاقيات أبراهام (2020) مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ركيزة في استراتيجية لدي حكومات الأحتلال المتتالية في تل أبيب لإعادة صياغة علاقاتها الإقليمية بدعم أمريكي وغربي. لكن التطورات الأخيرة على الساحة الميدانية والسياسية تهدد مستقبل هذه الاتفاقيات، وتطرح تساؤلات حول مدى صمودها أمام تصاعد الصراع في فلسطين وتزايد الاستيطان في الضفة والأغوار والعوان المستمر علي الأراضي العربية .
أولًا: وادي عربة.. سلام هشّ يترنح
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، إلا أنها ظلت سلامًا باردًا:
-
على المستوى الأمني، يستمر التعاون في مراقبة الحدود الطويلة الممتدة لأكثر من 500 كيلومتر.
-
لكن شعبيًا، بقيت الاتفاقية محل رفض واسع بسبب ملفات القدس والاستيطان والانتهاكات المتكررة في الضفة الغربية والسلوك العدواني لدولة الأحتلال .
اليوم، ومع حشد إسرائيل قواتها على الحدود الشرقية وتوسيع الاستيطان في غور الأردن، يزداد الضغط على عمان، ويضع الحكومة الأردنية بين التزاماتها الأمنية ومطالب الشارع الغاضب. هذا التوتر قد يُضعف من قدرة الاتفاقية على الاستمرار كسند استراتيجي للعلاقات بين البلدين.
لحظة توقيع أتفاقيات أبراهام
ثانيًا: اتفاقيات أبراهام.. مكاسب مؤجلة
مثلت اتفاقيات أبراهام قفزة في مشروع التطبيع الإقليمي، حيث وعدت تل أبيب وواشنطن بعوائد اقتصادية وتقنية وأمنية لشركائها العرب. لكن الحرب المستمرة في غزة منذ أكتوبر 2023 قلبت المعادلة:
-
الحكومات الموقعة تجد صعوبة في الدفاع عن علاقاتها مع إسرائيل أمام شعوبها التي تتابع صور الدمار والتجويع في قطاع غزة.
-
وعود الاستثمار والتعاون الاقتصادي لم تتحقق بالزخم المعلن، فيما زادت الكلفة السياسية.
-
تصاعد التوترات الإقليمية مع إيران وأذرعها في العراق واليمن ولبنان جعل الاتفاقيات تبدو هشة أمام معادلة الأمن الإقليمي.
ثالثًا: الغرب وإسرائيل.. ضغوط متزايدة
الداعم الغربي لهذه الاتفاقيات – خاصة الولايات المتحدة – يواجه اليوم تحديًا مزدوجًا:
-
الحفاظ على استقرار حلفائه العرب.
-
وفي الوقت ذاته، استمرار دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا.
لكن مع اتساع الهوة بين الرأي العام العربي والقيادات الموقعة على الاتفاقيات، تبدو واشنطن في وضع حرج، حيث تزداد المخاوف من أن تتحول هذه الترتيبات إلى عبء سياسي بدل أن تكون رصيدًا استراتيجيًا.
المستقبل الغامض
اتفاقية وادي عربة واتفاقيات أبراهام تقف اليوم على مفترق طرق.
-
الأولى مهددة بفعل الاستيطان وتغيير قواعد اللعبة في غور الأردن.
-
والثانية تواجه أزمة شرعية في ظل حرب غزة وارتفاع كلفة التطبيع سياسيًا وأخلاقيًا.
وفي ظل هذه المعطيات، تبقى هذه الاتفاقيات في مهب الريح، رهينة التطورات الميدانية وميزان القوة بين إسرائيل والفلسطينيين، وكذلك موقف الشعوب العربية التي قد تعصف غضبتها بما تبقى من "سلام على الورق".