القضاء الإداري يؤجل طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية».. معركة قانونية حول الغموض التشريعي وحدود الحرية
قررت الدائرة الأولى للحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإداري تأجيل نظر الطعن المقام من هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»، إلى جلسة 28 مارس، وذلك لإعداد تقرير بالرأي القانوني من هيئة مفوضي مجلس الدولة، بعد الاطلاع على ملف الدعوى ودراسته بشكل وافٍ.
تأجيل لإعداد تقرير المفوضين
وجاء قرار التأجيل في الدعوى رقم 12217 لسنة 80 ق، المقامة من هدير عبد الرازق، حيث رأت المحكمة ضرورة إحالة الملف إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير قانوني تفصيلي، يُلقي الضوء على أبعاد الطعن الدستورية والتشريعية قبل الفصل فيه.
خلفية الطعن على نص «القيم الأسرية»

وكانت الدعوى قد أُقيمت عبر محاميها الدكتور هاني سامح، طعنًا على ما وصفته بـ**«القرار الإداري السلبي»** المتمثل في امتناع الجهات المختصة عن اتخاذ الإجراءات التشريعية والتنفيذية اللازمة لتعليق أو تجميد تطبيق عبارة «الاعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري»، الواردة بالمادة (25) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وترى الدعوى أن هذا النص يتسم بـالعمومية والغموض وغياب الانضباط التشريعي، بما يسمح بتفسيرات واسعة ومتباينة، قد تُستغل في فرض رقابة أخلاقية واجتماعية مشددة لا تتماشى مع طبيعة المجتمع المصري وتاريخه الثقافي والفني.
انتقاد الصياغة الفضفاضة وتداعياتها
وأوضحت عريضة الدعوى أن الصياغة الحالية للنص تفتح الباب أمام تأويلات غير منضبطة، بما يهدد حرية التعبير والإبداع، ويتعارض مع الإرث الثقافي المصري الذي شكّلته لعقود مؤسسات الإعلام الرسمي، والسينما، والمسرح، والموسيقى، بوصفها ركائز أساسية للهوية الوطنية الحديثة.
وأكدت الدعوى أن إدانة هدير عبد الرازق استندت إلى هذا النص المطعون عليه، في مخالفة صريحة لمبدأ الشرعية الجنائية واليقين القانوني المنصوص عليه في المادة (95) من الدستور المصري، والتي تنص على أنه: «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص واضح ومحدد».
تعارض مع الدستور وحرية الإبداع
كما أشارت الدعوى إلى تعارض النص مع المادة (67) من الدستور المصري، التي تحظر توقيع العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والإبداع الفني، إلا في أضيق الحدود، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى دستورية تطبيق النص بصيغته الحالية.

تحذير من تأثيرات أوسع على المجتمع والاقتصاد الإبداعي
وفي مرافعاته ومذكراته، شدد الدكتور هاني سامح على أن النص المطعون عليه يلقي بظلال من عدم اليقين القانوني على صناع المحتوى والمبدعين، ويؤثر سلبًا على الاقتصاد الإبداعي المتنامي في مصر، فضلًا عن فتح المجال – في التطبيق العملي – لتغلغل رؤى دينية واجتماعية وافدة وصفها الطعن بأنها «أفغو–إيرانية»، في إشارة إلى نماذج ثقافية متشددة تتصادم مع الهوية المصرية وتاريخها الحداثي والفني.
انتظار كلمة المفوضين
وبتأجيل نظر الدعوى إلى 28 مارس، تترقب الأوساط القانونية والثقافية ما سيسفر عنه تقرير هيئة مفوضي مجلس الدولة، الذي يُنتظر أن يرسم ملامح المرحلة المقبلة في هذا النزاع القانوني، ويحدد ما إذا كان نص «القيم الأسرية» سيظل محل تطبيق بصيغته الحالية، أم سيخضع لمراجعة تشريعية أعمق.
















