هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في جنوب لبنان عبر استهداف مرافق إعادة الإعمار وتعطيل عودة النازحين
في وقت كان من المفترض أن تمثل فيه فترات التهدئة ووقف إطلاق النار نافذة أمل لسكان جنوب لبنان لالتقاط أنفاسهم والبدء في إعادة بناء ما دمرته الحرب، جاءت تقارير حقوقية دولية لتكشف عن واقع مغاير تمامًا. واقع تُستهدف فيه أدوات الحياة قبل البشر، وتُقصف فيه الجرافات بدل الدبابات، وتُعطل فيه إعادة الإعمار كوسيلة غير مباشرة لإطالة معاناة المدنيين ومنع عودتهم إلى ديارهم.
ضمن هذا السياق، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرًا شديد اللهجة، أكدت فيه أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على معدات ومرافق مدنية مخصصة لإعادة الإعمار في جنوب لبنان تمثل انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب، وقد ترقى إلى جرائم حرب مفترضة بموجب القانون الدولي الإنساني.
هجمات ممنهجة تعرقل إعادة الإعمار في جنوب لبنان
أوضحت المنظمة أن سكانًا محليين ومسؤولين في بلديات جنوب لبنان أكدوا أن الغارات الإسرائيلية لم تستهدف مواقع عسكرية، بل ضربت بشكل مباشر مرافق مدنية وآليات ثقيلة تُستخدم في إزالة الأنقاض وإعادة بناء المنازل المدمرة.
أكثر من 10 آلاف مبنى متضرر خلال 15 شهرًا
بحسب التقرير، فإن المنطقة الممتدة في جنوب لبنان شهدت دمارًا واسع النطاق بين أكتوبر 2023 ويناير 2025، حيث:
-
تضرر أو دُمر بالكامل أكثر من 10 آلاف مبنى.
-
أدت الهجمات إلى شلل شبه كامل في جهود إعادة الإعمار.
-
تعثرت عودة عشرات الآلاف من النازحين بسبب غياب البنية الأساسية والمساكن الصالحة للسكن.
استهداف الجرافات والآليات الثقيلة بدل المواقع العسكرية

أشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الغارات الأربع التي وثقتها دمرت:
-
أكثر من 360 آلية ثقيلة.
-
شملت جرافات، حفارات، شاحنات نقل، وآليات رفع.
-
إضافة إلى مصنع للإسمنت والأسفلت يُستخدم في مشاريع مدنية.
آليات مدنية مستخدمة في إزالة الأنقاض
أكد مالكو هذه الآليات أنهم:
-
قاموا ببيعها أو تأجيرها في مناطق مختلفة داخل لبنان.
-
استخدمت بشكل أساسي في أعمال مدنية بحتة، وعلى رأسها إزالة الركام وفتح الطرق.
-
لم تكن مخصصة أو مستخدمة لأغراض عسكرية وقت استهدافها.
تصريحات هيومن رايتس ووتش: هجمات غير قانونية رغم وقف إطلاق النار
قال رمزي قيس، باحث شؤون لبنان في المنظمة، إن:
"القوات الإسرائيلية شنت، رغم وقف إطلاق النار، هجمات غير قانونية استهدفت معدات ومرافق مرتبطة بإعادة الإعمار".
تحويل البلدات إلى أنقاض ثم منع إعادة بنائها
وأضاف قيس أن الجيش الإسرائيلي:
-
دمر العديد من البلدات الحدودية في جنوب لبنان.
-
يسعى حاليًا إلى عرقلة محاولات السكان لإعادة بناء منازلهم.
-
يستخدم استهداف البنية التحتية المدنية كأداة ضغط جماعي.
ذرائع إسرائيلية دون أدلة موثقة

بحسب التقرير، أصدرت القوات الإسرائيلية بيانات رسمية عقب كل هجوم، ادعت فيها أن:
-
المعدات المستهدفة استخدمها أو كان يعتزم استخدامها حزب الله.
-
أو أنها سُمح باستخدامها أو مكنت الحزب من إعادة بناء بنيته التحتية.
غياب التفاصيل والأدلة الميدانية
أكدت "هيومن رايتس ووتش" أنها:
-
لم تتلقَّ أي أدلة تفصيلية تدعم هذه الادعاءات.
-
لم تعثر على أهداف عسكرية في المواقع أو محيطها.
-
تمكن باحثوها من التحقق ميدانيًا من أن بعض الآليات كانت تُستخدم لأغراض مدنية خالصة.
القانون الدولي: الارتباط لا يجعل الهدف عسكريًا
شدّدت المنظمة على نقطة قانونية جوهرية مفادها أن:
-
حتى في حال بيع أو صيانة معدات مدنية لأشخاص لديهم صلات بحزب الله،
-
فإن ذلك لا يحول المعدات أو المواقع إلى أهداف عسكرية مشروعة.
انتهاك واضح لمبادئ التمييز والتناسب
أكد التقرير أن هذه الهجمات:
-
تنتهك مبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.
-
تخالف مبدأ التناسب في استخدام القوة.
-
قد تُصنف كـ جرائم حرب بموجب اتفاقيات جنيف.
تداعيات إنسانية خطيرة على المدنيين

خلصت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن استمرار هذه الهجمات:
-
يفاقم الأزمة الإنسانية في جنوب لبنان.
-
يمنع النازحين من العودة إلى منازلهم.
-
يحرم المدنيين من حقهم في السكن والأمان وإعادة الحياة الطبيعية.
وأكدت أن استهداف أدوات إعادة الإعمار لا يقل خطورة عن استهداف المدنيين أنفسهم، لأنه يطيل أمد الدمار ويُبقي المجتمعات في حالة نزوح دائم.
















