المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يوثّق تعذيبًا جنسيًا ممنهجًا بحق معتقلين من غزة: شهادات صادمة ومسؤوليات قانونية دولي
كشف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن معطيات خطيرة توثّق ممارسة ممنهجة ومنظمة للتعذيب الجنسي بحق معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة أفرج عنهم مؤخرًا من السجون ومعسكرات الاحتجاز الإسرائيلية. ويؤكد المركز أن ما جُمِع من إفادات لا يندرج ضمن حوادث فردية، بل يعكس سياسة متسقة في سياق ما يصفه بـالجريمة المستمرة ضد سكان قطاع غزة، مع إغلاق أماكن الاحتجاز أمام الرقابة الدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
منهجية التوثيق
-
اعتمد المركز على مقابلات مباشرة أجراها محاموه وباحثوه مع معتقلين ومعتقلات أُفرج عنهم مؤخرًا.
-
راجع الفريق سجلات طبية أولية وإفادات متقاطعة لأكثر من حالة، مع الحفاظ على سرية هويات الضحايا وسلامتهم.
-
يأتي هذا العمل امتدادًا لتقرير مفصّل أصدره المركز في مايو/أيار 2025 استند إلى 100 شهادة، خلص إلى أن المعاملة الموثّقة تلبّي عناصر التعذيب بموجب القانون الدولي، وتصل حدّ أفعال من أفعال جريمة الإبادة الجماعية (إحداث أذى جسدي/نفسي جسيم، وفرض ظروف معيشية تدميرية).
-

أنماط الانتهاكات الموثّقة
تُظهر الشهادات المتقاطعة أن الانتهاكات لم تكن عشوائية، بل متكررة ومنظمة، وشملت:
-
تعذيبًا جنسيًا بأشكاله المختلفة: الاغتصاب، التعرية القسرية، التصوير القسري، الاعتداء الجنسي بأدوات، واستغلال كلاب مدرّبة في الإيذاء الجنسي.
-
إهانات ممنهجة ولغة مهينة وتهديدات بالاعتداء على الضحايا أو أفراد عائلاتهم (بما في ذلك التهديد باغتصاب الزوجات).
-
تعذيب بدني مصاحب (الضرب الشديد، الصعق، التقييد لفترات طويلة) مع حرمان من الخصوصية والرعاية الطبية الكافية.
-
استهداف كرامة الضحية وتدمير الهوية الفردية عبر الإذلال العلني والتصوير، في إطار عقابٍ جماعيّ.
-

يشدد المركز على أنّ سِمَة التكرار وتنوّع أساليب الاعتداء وتزامنها مع الحرمان من الرقابة المستقلة، عناصر تقطع بوجود سياسة منهجية لا مجرد تجاوزات فردية.
حالات نموذجية (مختصرة حفاظًا على الخصوصية)
-
سيدة (42 عامًا): اعتُقلت شمال غزة (نوفمبر 2024) وأدلت بشهادة عن تعذيب جنسي متكرر وتعرية وتصوير قسري وصعق كهربائي واعتداء بدني وإذلال مطوّل.
-
رجل (35 عامًا): اعتُقل من محيط مستشفى الشفاء (مارس 2024) وروى تعرّضه لتعذيب قاسٍ واعتداء جنسي بمشاركة كلب مُدرّب، نتج عنه إصابات بدنية ونفسية خطرة.
-
رجل (41 عامًا): اعتُقل أثناء النزوح من مستشفى كمال عدوان (ديسمبر 2023) وتعرّض لاعتداءٍ جنسي بأداة خشبية، مع تهديدات مستمرة ومضاعفات صحية جسيمة.
-
شاب (18 عامًا): أُعيد اعتقاله قرب مركز مساعدات إنسانية، وأفاد بتعرّضه ورفاقه لـاعتداءات جنسية بأدوات وسط إذلالٍ جماعيّ.
هذه الحالات —وغيرها— تشير إلى طابعٍ منظم يتجاوز نطاق “الانتهاك الفردي” إلى سياسةٍ عقابيةٍ ممنهجة تستهدف الإخضاع والإذلال.
الإطار القانوني والمسؤوليات الدولية
-
يحظر القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف واتفاقية مناهضة التعذيب جميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة، بما فيها العنف الجنسي بوصفه سلوكًا غير قابل للتقييد في أي ظرف.
-
يمكن أن يشكّل العنف الجنسي الممنهج في سياق نزاعٍ مسلّح جريمة حرب و/أو جريمة ضد الإنسانية، وقد تندرج أنماط محددة ضمن إطار الإبادة الجماعية إذا ارتُكبت بقصد تدمير جماعة كليًا أو جزئيًا.
-
يؤكد المركز أنّ حرمان الآليات الدولية (كالصليب الأحمر) من الوصول إلى أماكن الاحتجاز يفاقم الاشتباه بوجود تعطيل متعمّد للمساءلة.
مستجدات مقلقة: تشريعات عقابية وتصاعد الخطر
يحذّر المركز من مخاطر وشيكة على المعتقلين، في ضوء مساعٍ تشريعية داخل إسرائيل (أقرتها لجنة الأمن القومي في الكنيست بتاريخ 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025) للسماح بـعقوبة الإعدام بحق فلسطينيين — وهو ما يعدّ، في ظل انتزاع اعترافات قسرية موثّقة، تهديدًا مباشرًا بحصول إعدامات جماعية منتهِكة للقانون الدولي.

مطالب عاجلة
يدعو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى:
-
تحرك فوري من الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لوقف سياسة التعذيب والإخفاء القسري.
-
تمكين الصليب الأحمر والآليات الأممية المختصة من وصولٍ غير مقيَّد إلى جميع أماكن الاحتجاز.
-
الإفراج عن جميع المعتقلين المحتجَزين تعسفًا، والكشف عن مصير وأماكن احتجاز المخفيين قسرًا.
-
توفير حماية طبية ونفسية عاجلة ورعاية شاملة للضحايا والناجين، مع ضمان سرية الهوية وسلامتهم.
-
إحالة الملفات ذات الصلة إلى المحكمة الجنائية الدولية والهيئات المختصة، لضمان عدم الإفلات من العقاب.
دعم الناجين والعدالة المُنصِفة
يشدد المركز على استمراره في جمع الأدلة والشهادات وتقديمها للآليات الدولية، بما يعزز بناء ملفات مساءلة قوية، ويضمن للضحايا التعويض وجبر الضرر والإسناد النفسي والطبّي.

















