الأسباب الحقيقية لتهرب نتنياهو من حضور قمة السلام !!!
الصحافة الإسرائيلية تنتقد غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ للسلام: ”قرار مكلف سياسيًا ودبلوماسيًا”

تناولت الصحافة الإسرائيلية، الثلاثاء، غياب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن قمة شرم الشيخ للسلام، التي عُقدت في مصر بمشاركة عدد كبير من قادة العالم، على رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتوقيع على اتفاق وقف الحرب في غزة.
وسلّطت وسائل الإعلام العبرية الضوء على الأسباب المحتملة وراء غيابه، مشيرة إلى أن هذا القرار كان خطأ سياسيًا فادحًا، كلّف إسرائيل تراجعًا في مكانتها الدولية، في الوقت الذي كانت فيه الأنظار متجهة إلى القاهرة.
"يديعوت أحرونوت": نتنياهو أضاع فرصة ذهبية
في تقرير موسع، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن غياب نتنياهو عن الصورة الجماعية لقادة العالم في ختام القمة كان لافتًا للغاية، خاصة أنه تلقى دعوة رسمية للحضور بعد تدخل مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة وقرر البقاء في إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن القرار أثار تساؤلات داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها، حيث اعتبره البعض خطوة نابعة من حسابات سياسية داخلية تتعلق باليمين المتطرف، الذي أبدى غضبه من إنهاء الحرب في غزة دون تفكيك حماس أو إعادة السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القطاع.
وأضاف التقرير أن مشاركة نتنياهو في القمة إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) كانت ستخلق أزمة داخل الائتلاف الحاكم وربما انشقاقات سياسية، خاصة بين قاعدته اليمينية.
الغياب يضع إسرائيل في عزلة
من جهة أخرى، أكدت الصحيفة أن غياب نتنياهو عن القمة أضر بمكانة إسرائيل في العالم، وأظهرها كدولة منعزلة سياسيًا في لحظة حاسمة، خاصة مع الحضور الواسع لقادة المنطقة وأوروبا.
وقالت يديعوت:
"في نهاية المطاف، وضع غياب نتنياهو، إلى جانب حضور محمود عباس، إسرائيل في موقف يوازي حماس – فهما الوحيدان اللذان لم يحضرا القمة."
وأضافت أن حضوره في دولة عربية مثل مصر كان سيعطي انطباعًا عالميًا بأنه المنتصر الحقيقي في الحرب، ويعيد له بعض النفوذ السياسي الذي فقده في العامين الماضيين.
الأسباب الخفية وراء قرار الغياب
أشارت الصحيفة إلى أن مكتب نتنياهو برّر الغياب بتزامن القمة مع العيد اليهودي، لكن هذا السبب لم يُقنع المتابعين، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سبق أن سافر خلال الأعياد من قبل دون أن يثير ذلك أزمة.
ورجّحت أن السبب الحقيقي قد يكون خوف نتنياهو من أن يُجرّ إلى مسار سياسي يؤدي إلى طرح حلّ الدولتين مجددًا، وهو السيناريو الذي يسعى لتجنبه منذ سنوات.
كما أضاف التقرير أن نتنياهو ربما أراد تجنّب الإحراج الدبلوماسي في حال رفض بعض القادة، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مصافحته علنًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقاط صورة تجمعه بالرئيس الفلسطيني كان سيكون “كارثيًا سياسيًا” داخل معسكره اليميني، نظرًا لعداء أنصاره الشديد لفكرة حل الدولتين أو لأي اعتراف بدور السلطة الفلسطينية.
ترامب يمدح نتنياهو.. ثم يرسل رسالة حادة
ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الكنيست الإسرائيلي أوضح التناقض في علاقته بنتنياهو؛ فبينما وصفه بـ"قائد حرب ممتاز"، أرسل له في الوقت ذاته رسالة صارمة مفادها:
"حان الوقت للتوقف عن الحروب، وأن نكون أكثر لطفًا ونتجه نحو السلام."
وأضاف التقرير أن ترامب يسعى لتوسيع اتفاقيات أبراهام عبر ضم دول جديدة في المنطقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، لكنه يدرك أن الرياض لن تمضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل دون صيغة واضحة لحل الدولتين، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة.
الفرص الضائعة والعزلة السياسية
خلصت الصحيفة إلى أن قرار نتنياهو بعدم حضور قمة شرم الشيخ كان "خطأ جسيماً"، مشيرة إلى أنه أضاع فرصة للظهور كشريك في صناعة السلام، واكتفى بدور المراقب، مما قلّص نفوذ إسرائيل الدبلوماسي في المنطقة.
وقالت الصحيفة في ختام تقريرها:
"نتنياهو اختار تفادي أزمة سياسية داخلية قصيرة المدى، لكنه ربما تسبب في خسارة استراتيجية طويلة المدى. كان يمكن أن يكون جزءًا من الحل، لكنه ترك الانطباع بأن إسرائيل جزء من المشكلة."
ترامب ومشروع السلام الإقليمي
وأشار التقرير إلى أن ترامب يعمل حاليًا على مشروع أوسع لتوسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط، يشمل سوريا ولبنان وموريتانيا والصومال وسلطنة عمان، وحتى احتمالية بعيدة مع إيران، في محاولة لترسيخ إرثه السياسي كزعيم "أنهى ثماني حروب" وسعى لنيل جائزة نوبل للسلام.
ويرى المراقبون أن الفرصة لا تزال قائمة أمام إسرائيل إذا ما قررت التعاون مع مشروع ترامب، "بدلاً من الوقوف على الهامش"، بحسب ما خلص إليه التقرير.