ترامب يسخر من محاكمة نتنياهو ويتهرّب من حل الدولتين بعد توقيعه اتفاق شرم الشيخ للسلام

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة جديدة من الجدل بتصريحاته التي أطلقها من على متن طائرته الرئاسية "إير فورس ون"، بعد مشاركته في قمة شرم الشيخ للسلام وتوقيعه اتفاق وقف الحرب في غزة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتطرّق ترامب خلال حديثه إلى قضية الفساد التي يُحاكم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ملوّحًا باقتراح "العفو عنه"، في أسلوب وصفته الصحافة الإسرائيلية بأنه "ساخر ولاذع"، إلى جانب تهرّبه من إعلان موقف واضح من حل الدولتين.
ترامب يقترح العفو عن نتنياهو في نبرة ساخرة
قال ترامب للصحفيين خلال الرحلة الجوية إلى واشنطن إنه تحدث مازحًا مع نتنياهو في الكنيست الإسرائيلي، قائلاً:
"قلت له إنني لا أريد إثارة الموضوع، لكن التوقيت كان رائعًا. لقد نال تصفيقًا حارًا، ولولا ذلك التصفيق لما فتحت الموضوع. الجمهور كان مذهلًا."
وأضاف ترامب أنه اقترح على الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتصوغ، الذي كان حاضرًا في القاعة، أن يمنح نتنياهو عفوًا رئاسيًا بقوله:
"لدي فكرة يا سيدي الرئيس... لم لا تمنحه عفوًا؟ السيجار والشمبانيا؟ لا أحد يهتم! إنه يعرف كيف يفوز، امنحه عفوًا."
وقد قوبلت هذه الكلمات بتصفيق في الكنيست، فيما اعتبرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية سخرية مبطنة من المحاكمة التي يخضع لها نتنياهو منذ سنوات بتهم تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ.
انتقادات في إسرائيل وتذكير بمواقفه السابقة
اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن تصريحات ترامب تمثل "تحديًا علنيًا للقضاء الإسرائيلي"، فيما وصفتها هآرتس بأنها "استهزاء بالمنظومة القانونية في إسرائيل".
وتذكّر الأوساط السياسية في تل أبيب أن ترامب كان قد كتب في يونيو الماضي عبر منصته "تروث سوشيال" أن:
"الولايات المتحدة ستنقذ نتنياهو من محاكمة نتنياهو"،
واصفًا القضية بأنها سياسية بحتة وداعيًا إلى إسقاطها.
حل الدولتين.. ترامب يتهرّب من الإجابة
وفي رده على سؤال حول رؤيته لما بعد الحرب في غزة، قال ترامب بلهجة متحفظة:
"دولتان؟ أنا لا أتعامل مع ذلك الآن. ما أتحدث عنه هو إعادة إعمار غزة. البعض يريد دولة واحدة، وآخرون يريدون دولتين، وأنا لم أحدد موقفي بعد."
هذا التصريح عكس عدم رغبة ترامب في الخوض في ملف الدولة الفلسطينية، رغم الضغوط الدولية المتزايدة لإعادة طرح مبادرة السلام الشاملة.
"رؤية شاملة للسلام".. اتفاق شرم الشيخ بين مصر وأمريكا
وجاءت تصريحات ترامب عقب توقيعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وثيقة سُميت "الرؤية الشاملة للسلام" خلال قمة شرم الشيخ للسلام.
وتضمنت الوثيقة التزام الجانبين ببناء مستقبل يقوم على السلام المستدام والمصير المشترك، وجاء فيها:
"نسعى إلى التسامح والاحترام وتكافؤ الفرص لكل إنسان، وجعل المنطقة مكانًا يتطلع فيه الجميع إلى الأمن والازدهار، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الأصل."
وأكد مراقبون أن هذه الوثيقة تمثل انطلاقة جديدة لمشروع السلام الأمريكي–المصري في الشرق الأوسط، رغم التحفظات الإسرائيلية على بعض بنودها المتعلقة بإعادة إعمار غزة وإطلاق العملية السياسية مجددًا.
بين المزاح والرسائل السياسية
تشير مصادر إسرائيلية إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة تمثل مزيجًا من الأسلوب السياسي غير التقليدي والمزاح المتعمّد، لكنها في الوقت ذاته تعكس رؤية غامضة تجاه مستقبل الدولة الفلسطينية، وتعيد التساؤلات حول مدى جدية واشنطن في تبنّي حل الدولتين كخيار استراتيجي للسلام في الشرق الأوسط.