تقرير إسرائيلي يكشف ”اللحظات الأكثر جنوناً” في خطاب ترامب أمام الكنيست: بين المزاح السياسي والرسائل الاستراتيجية

في تقرير مطوّل، رصدت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية ما وصفته بـ"اللحظات الأكثر جنونًا" في خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي، واصفة خطابه بأنه مزيج من الاستعراض السياسي والارتجال المفاجئ الذي يطغى على النصوص المعدّة مسبقاً.
ارتجال ترامب.. من النص الرسمي إلى الكوميديا السياسية
كتبت المراسلة السياسية للصحيفة آنا بارسكي أن الخطاب لم يكن في حقيقته النص الذي أعده ترامب مسبقًا في البيت الأبيض، بل تحوّل أمام الجمهور الإسرائيلي إلى عرض حيّ مرتجل جمع بين الفكاهة والمواقف المثيرة.
وقالت بارسكي:
“لم نسمع الخطاب الذي أحضره ترامب معه على متن طائرة الرئاسة (إير فورس 1)، بل استمعنا إلى مقتطفات عفوية دمجها في ارتجال مذهل. كلما شعر ترامب بتفاعل الجمهور المؤيد له، ابتعد أكثر عن النص المكتوب، لينزلق إلى عوالم جديدة — غير مخططة ومفاجئة، وأحيانًا محرجة.”
ومن بين اللحظات التي وصفتها الصحيفة بـ"الجنونية"، توصية ترامب لرئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بالتفكير في مهنة هوليوودية، ودعوته الساخرة للرئيس إسحاق هرتصوغ إلى العفو عن نتنياهو قائلاً: "ماذا فعل فعلاً؟ بعض الشمبانيا والسجائر؟ هذا سخيف للغاية!"
بين السياسة والاستعراض.. ترامب في أفضل حالاته
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب ظهر في أفضل حالاته الانتخابية، مقدّمًا عرضًا سياسيًا بطابع استعراضي مليء بالإيماءات والقصص الشخصية، واصفة خطابه بأنه "مزيج بين مسرحية ستاند أب وحملة انتخابية".
لكنها حذّرت من النظر إليه على أنه مجرد عرض، مؤكدة أن الخطاب حمل رسائل سياسية عميقة تتعلق باتفاق إنهاء الحرب في غزة.
وقالت بارسكي:
“ترامب لم يلقِ خطاباً عادياً، بل أدّى دور وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والإعلام في وقت واحد. فقد كشف ضمنيًا عن وجود تفاهمات غير مكتوبة بينه وبين نتنياهو، عندما صرّح للصحفيين بأن هناك اتفاقات شفهية أُبرمت إلى جانب الوثائق الرسمية.”
اتفاقات "بين السطور".. وتفاهمات حول غزة
وأشارت المراسلة إلى أن الأيام القادمة ستشهد مفاوضات صعبة حول مستقبل غزة وحماس، لافتة إلى أن الاتفاق الشفهي بين ترامب ونتنياهو قد يتضمن تفاهمات "هدوء مقابل امتيازات"، وهو ما لم يُعلن رسميًا بعد.
وقالت:
“ربما لا تزال بنود الاتفاق الغامضة بين السطور، لكن من الواضح أن ترامب ونتنياهو يتحدثان منذ فترة عن معادلة جديدة للتهدئة طويلة الأمد.”
إعادة الشرعية الدولية لإسرائيل
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب حاول من خلال خطابه تعزيز الصورة الدولية لإسرائيل بعد عامين من الحرب على غزة، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي قال:
“العالم كبير وقوي، ومن المهم لإسرائيل أن تكون على علاقة طيبة معه.”
وأوضحت بارسكي أن ترامب استخدم "الطريقة الأمريكية الكلاسيكية" في الخطابات السياسية، بصياغة الحقائق بالكلمات على أمل أن يتطابق معها الواقع لاحقًا، مضيفة أن كلماته “ساهمت في ترميم صورة إسرائيل سياسيًا أكثر من أي حملة إعلامية”.
ترامب يعزز قوة الردع الإسرائيلية
بحسب التقرير، فقد اعتبرت “معاريف” أن خطاب ترامب عزز قوة الردع الإسرائيلي بعد الحرب الطويلة على غزة، حيث كانت رسالته الأبرز:
“الولايات المتحدة، الدولة الأقوى في العالم، تقف خلف إسرائيل.”
وقالت الصحيفة إن هذه العبارة كانت إشارة مباشرة لكل خصوم إسرائيل في المنطقة بأن أي محاولة لتكرار سيناريو 7 أكتوبر “ستكون مصيرها الفشل الكامل”.
ثمن الردع الباهظ
وفي ختام مقالها، أكدت بارسكي أن إسرائيل حققت الردع بثمن باهظ، قائلة:
“عامان من الحرب، مئات القتلى، آلاف الجرحى، وعشرات الآلاف ممن يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة. ومع ذلك، فإن كلمات ترامب كانت بمثابة دعم نفسي ومعنوي قوي للمجتمع الإسرائيلي.”
واختتمت بقولها:
“لهذا السبب فقط، استحق ترامب التصفيق المتواصل الذي كرّمه به مبنى الكنيست.”